بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{فَلَمَّا ٱسۡتَيۡـَٔسُواْ مِنۡهُ خَلَصُواْ نَجِيّٗاۖ قَالَ كَبِيرُهُمۡ أَلَمۡ تَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ أَبَاكُمۡ قَدۡ أَخَذَ عَلَيۡكُم مَّوۡثِقٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَمِن قَبۡلُ مَا فَرَّطتُمۡ فِي يُوسُفَۖ فَلَنۡ أَبۡرَحَ ٱلۡأَرۡضَ حَتَّىٰ يَأۡذَنَ لِيٓ أَبِيٓ أَوۡ يَحۡكُمَ ٱللَّهُ لِيۖ وَهُوَ خَيۡرُ ٱلۡحَٰكِمِينَ} (80)

قوله تعالى : { فَلَمَّا استيأسوا مِنْهُ } يعني : من بنيامين أن يرد عليهم ويقال أيسوا من الملك أن يقضي حاجتهم { خَلَصُواْ نَجِيّا } يعني : اعتزلوا ، يتناجون بينهم ، ليس معهم غيرهم . { قَالَ كَبِيرُهُمْ } يعني : كبيرهم في العقل ، وهو يهوذا . ولم يكن أكبرهم في السن . وهذا في رواية الكلبي ، ومقاتل . وقال مجاهد : { كَبِيرُهُمْ } أي : أعلمهم وهو شمعون . وكان رئيسهم . وقال قتادة : { كَبِيرُهُمْ } في السن روبيل ، وهو الذي أشار إليهم ألا يقتلوه { أَلَمْ تَعْلَمُواْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَّوْثِقًا مّنَ الله } يعني : عهداً من الله في هذا الغلام { لَتَأْتُنَّنِى بِهِ } أي : لتردنه إليَّ { وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِى يُوسُفَ } يعني : ما تركتم ، وضيعتم العهد في أمر يوسف من قبل هذا الغلام { فَلَنْ أَبْرَحَ الأرض } يعني : فلن أزال في أرض مصر { حتى يَأْذَنَ لِى ربّى } أي : حتى يبعث إليَّ أحداً أن آتيه { أَوْ يَحْكُمَ الله لِى } فيرد عليّ أخي بنيامين { وَهُوَ خَيْرُ الحاكمين } يعني : أعدل العادلين ، وأقضى القاضين .

وروى أسباط ، عن السدي . أنه قال : كان بنو يعقوب إذا غضبوا ، لن يطاقوا . فغضب روبيل ، فقال : أيها الملك ، والله لتتركنا أو لأصيحن صيحة ، لا تبقى امرأة حامل ، إلا ألقت ما في بطنها ، وقامت كل شعرة في جسده ، فخرجت من ثيابه . وقال ابن عباس : كان يهوذا إذا غضب ، وصاح ، لم تسمع صوته امرأة حامل ، إلا وضعت حملها ، وتقوم كل شعرة في جسده . فلا يسكن حتى يضع بعض آل يعقوب يده عليه ، فيسكن . فقال يوسف لابن له صغير : اذهب وضع يدك عليه ، فذهب ووضع يده عليه ، فسكن غضبه ، فقال : إن في هذا الدار أحداً من آل يعقوب .