الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{فَلَمَّا ٱسۡتَيۡـَٔسُواْ مِنۡهُ خَلَصُواْ نَجِيّٗاۖ قَالَ كَبِيرُهُمۡ أَلَمۡ تَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ أَبَاكُمۡ قَدۡ أَخَذَ عَلَيۡكُم مَّوۡثِقٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَمِن قَبۡلُ مَا فَرَّطتُمۡ فِي يُوسُفَۖ فَلَنۡ أَبۡرَحَ ٱلۡأَرۡضَ حَتَّىٰ يَأۡذَنَ لِيٓ أَبِيٓ أَوۡ يَحۡكُمَ ٱللَّهُ لِيۖ وَهُوَ خَيۡرُ ٱلۡحَٰكِمِينَ} (80)

وقوله سبحانه : { فَلَمَّا استيئسوا مِنْهُ } [ يوسف : 80 ] .

يقال : يَئِسَ واستيأس بمعنًى واحدٍ .

قال البخاريُّ : { خَلَصُواْ نَجِيًّا } اعتزلوا ، والجَمْع أَنْجِيَةٌ ، وللاثنين والجمع نَجِيٌّ وأَنْجِيَة انتهى .

وقال الهَرَوِيُّ : { خَلَصُوا نَجِيًّا } : أي تَمَيَّزوا عن الناس متناجين انتهى .

و{ كَبِيرُهُمْ } : قال مجاهدٌ : هو شَمْعُونُ ، كان كبيرهم رَأْياً وعِلْماً ، وإِن كان رُوبِيلُ أَسنَّهم ، وقال قتادة : هو روبيلُ ، لأَنه أسنُّهم ، وهذا أظهرُ ورجَّحه الطبريُّ ، وذكرهم أخوهم ميثاقَ أبيهم : { لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ } [ يوسف : 66 ] .

وقوله : { فَلَنْ أَبْرَحَ الأرض } : قال : ( ص ) : «بَرَحَ » التامَّةُ بمعنى ذَهَبَ وظَهَرَ ؛ ومنه : برح الخَفَاء ، أي : ظهر ، والمتوجَّه هنا : معنى «ذهب » ، لكنَّه لا ينصب الظرف المكانيَّ المختصَّ إِلا بواسطة ، فاحتيج إِلى تضمينه معنى «فارق » ، والأرض مفعولٌ به ، ولا يجوزُ أنْ تكون «أبرح » : ناقصةٌ انتهى .