النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{فَلَمَّا ٱسۡتَيۡـَٔسُواْ مِنۡهُ خَلَصُواْ نَجِيّٗاۖ قَالَ كَبِيرُهُمۡ أَلَمۡ تَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ أَبَاكُمۡ قَدۡ أَخَذَ عَلَيۡكُم مَّوۡثِقٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَمِن قَبۡلُ مَا فَرَّطتُمۡ فِي يُوسُفَۖ فَلَنۡ أَبۡرَحَ ٱلۡأَرۡضَ حَتَّىٰ يَأۡذَنَ لِيٓ أَبِيٓ أَوۡ يَحۡكُمَ ٱللَّهُ لِيۖ وَهُوَ خَيۡرُ ٱلۡحَٰكِمِينَ} (80)

قوله عز وجل : { فلما استيأسوا منه } أي يئسوا من رد أخيهم عليهم .

الثاني : استيقنوا أنه لا يرد عليهم ، قاله أبو عبيدة وأنشد قول الشاعر{[1525]} :

أقول لها بالشعب إذ يأسرونني *** ألم تيأسوا أني ابن فارس زهدم{[1526]}

{ خلصوا نجيّاً } أي خلا بعضهم ببعض يتناجون ويتشاورون لا يختلط بهم غيرهم .

{ قال كبيرهم } فيه ثلاثة أقاويل{[1527]} :

أحدها : أنه عنى كبيرهم في العقل والعلم وهو شمعون الذي كان قد ارتهن يوسف عنده حين رجع إخوته إلى أبيهم ، قاله مجاهد{[1528]} .

الثاني : أنه عنى كبيرهم في السن وهو روبيل ابن خالة يوسف ، قاله قتادة .

الثالث : أنه عنى كبيرهم في الرأي والتمييز وهو يهوذا ، قاله مجاهد .

{ ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقاً من الله } يعني عند إيفاد ابنه هذا معكم .

{ ومن قبل ما فرَّطتم في يوسف } أي ضيعتموه .

{ فلن أبرح الأرض } يعني أرض مصر .

{ حتى يأذن لي أبي } يعني بالرجوع . { أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين } فيه قولان :

أحدهما : يعني أو يقضي الله لي بالخروج منها ، وهو قول الجمهور .

الثاني : أو يحكم الله لي بالسيف والمحاربة لأنهم هموا بذلك ، قاله أبو صالح .


[1525]:هو سحيم، وهذا البيت ليس في ديوانه كما في معجم شواهد العربية للاستاذ عبد السلام هارون.
[1526]:سقط من ق.
[1527]:في ق: فيه قولان أحدهما.
[1528]:سقط من ق.