بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{لَهُۥ دَعۡوَةُ ٱلۡحَقِّۚ وَٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ لَا يَسۡتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيۡءٍ إِلَّا كَبَٰسِطِ كَفَّيۡهِ إِلَى ٱلۡمَآءِ لِيَبۡلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَٰلِغِهِۦۚ وَمَا دُعَآءُ ٱلۡكَٰفِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَٰلٖ} (14)

قوله تعالى : { لَهُ دَعْوَةُ الحق } يعني : كلمة الإخلاص لا إله إلا الله ، يدعو الخلق إليها . ويقال معناه : له على العباد دعوة الحق أن يدعوه فيجيبهم { والذين يَدْعُونَ مِن دُونِهِ } يعني : الأصنام والأوثان { لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَىْء } يقول : لا ينفعهم بشيء { إِلاَّ كباسط كَفَّيْهِ } يعني : كمادٍ يديه { إِلَى الماء لِيَبْلُغَ فَاهُ } والعرب تقول لمن طلب شيئاً لا يجده ، هو كقابض الماء . يعني : كمن هو مشرف يدعو الماء بلسانه ، ويشير إليه { وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ } يعني : فلا يناله أبداً . وقال مجاهد كالذي يشير بيده إلى الماء ، فيدعوه بلسانه ، فلا يجيبه أبداً . هذا مثل ضربه الله تعالى للمشرك الذي عبد مع الله إلها آخر ، أنه لا يجيبه الصنم ، ولا ينفعه كمثل العطشان الذي ينظر إلى الماء من بعيد ، ولا يقدر عليه { وَمَا دُعَاء الكافرين } يقول : ما عبادة أهل مكة { إِلاَّ فِى ضلال } يضل عنهم ، إذا احتاجوا إليه في الآخرة .