قال ابن عباس في قوله تعالى : { سُبْحَانَ } يقول : عجبٌ من أمر الله { الذي أسرى بعبده } . ويقال : تنزيه لله تعالى . وروى موسى بن طلحة قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سبحان . فقال : «نَزَّهَ الله نَفْسَهُ عَنِ السُّوءِ » . وروي عن عليّ بن أبي طالب ، أن ابن أبي الْكَوَّاءَ سأله عن سبحان ، فقال عليّ : كلمة الله لنفسه . ويقال : معناه سبحوا الله { سُبْحَانَ الذى أسرى بِعَبْدِهِ } أي : أدلج برسوله صلى الله عليه وسلم { لَيْلاً } أي : في ليلة . ويقال : { أسرى } يعني : سار بعبده ليلاً { مّنَ المسجد الحرام } أي : مكة . وقال ابن عباس : من بيت أم هانىء { إلى المسجد الأقصى } يعني : إلى بيت المقدس . قال الفقيه : أخبرني الثقة بإسناده عن أبي سعيد الخدري . قال : حدثنا النبي صلى الله عليه وسلم عن الليلة التي أسرى به فيها ، فقال : " أوتِيتُ بِدَابَّةٍ هِيَ أَشْبَهُ الدَّوَابِّ بِالبَغْلِ وَهُوَ البُرَاقُ ، وَهُوَ الَّذِي كَان يَرْكَبُهُ الأَنْبِيَاءِ " . قال : " فَانْطَلَقَ بِي يَضَعُ يَدَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى بَصَرِهِ ، فَسَمِعْتُ نِداءً عَنْ يَمِيني : يا مُحَمَّدُ عَلَى رِسْلِكَ . فَمَضَيْتُ وَلَمَّا أعَرِّجْ عَلَيْهِ ، ثُمَّ سَمِعْتُ نِداءً عَنْ شِمَالِي فَمَضَيْتُ . ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْنِي امْرَأَةٌ عَلَيْهَا مِنْ كُلِّ زِينةٍ ، فَمَدَّتْ يدَيْهَا ، وَقَالَتْ : عَلَى رِسْلِكَ فَمَضَيْتُ . وَلَمْ أَلْتَفِتْ إلَيْهَا . ثُمَّ أَتَيْتُ البَيْتَ المَقْدِسَ . أوْ قَالَ المَسْجِدَ فَنَزَلْتُ وَأَوْثَقْتَهُ بِالحَلقَةِ الَّتِي كَانَتِ الأنْبِياءُ يُوثِقُونَ بِهَا ، ثُمَّ دَخَلْتُ ، المَسْجِدَ فَصَلَّيْتُ ، فَقُلْتُ : يا جِبْرِيلُ سَمِعْتُ نِداءً عَنْ يَمينِي ، فَقَالَ : ذاكَ داعِي اليَهُودِيَّةِ ، أما إنَّكَ لَوْ وَقَفْتَ عَلَيْهِ لَتَهَوَّدَتْ أُمَّتُكَ . فَقُلْتُ : وَسَمِعْتُ نِداءً عَنْ شِمَالِي . قالَ : كانَ ذلك دَاعِيَ النَّصَارَى ، أمَا إنَّكَ لَوْ وَقَفْتَ عَلَيْهِ لَتَنَصَّرَتْ أُمَّتُكَ وَأمَّا المَرْأَةُ كَانَتِ الدُّنْيَا تَزَيَّنَتْ لَكَ . أمَا إنَّكَ لَوْ وَقَفْتَ عَلَيْهَا لاخْتَارَتْ أمَّتُكَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ . قالَ : ثُمَّ أوتِيتَ بِإنَاءَيْنِ أَحَدُهُمَا فِيهِ لَبَنٌ ، وَالآخَرُ فِيهِ خَمْرٌ . فَقَالَ لِي : اشْرَبْ أيَّهُمَا شِئْتَ فأَخَذْتُ اللَّبَنَ وَشَربْتُ . فَقَالَ أَصَبْتَ الفِطْرَةَ ، أَيْ أُعْطِيَتْ أُمَّتُكَ الإسْلاَم . أَمَا إنَّكَ لَوْ أَخَذْتَ الخَمْرَةَ لَغَوَتْ أمَّتُكَ . ثُمَّ جِيءَ بِالمِعْرَاجِ الْذِي تَعْرُجُ فِيهِ أرْوَاحُ بَنِي آدَمَ . فَإذا هُوَ أَحْسَنُ ما رَأَيْتُ فَعُرِجَ بِنَا فيهِ " . وذكر قصة طويلة فنزل { سُبْحَانَ الذى أسرى بِعَبْدِهِ } يعني : محمداً صلى الله عليه وسلم من أول الليل من المسجد الحرام . يقول : من الحرم من بيت أم هانىء بنت أبي طالب ، إلى المَسْجِدِ الأَقْصَى أي : الأبعد . يعني : إلى مسجد إيلياء وهو بيت المقدس { الذى بَارَكْنَا حَوْلَهُ } بالماء ، والأشجار ، وهو المدائن التي حوله مثل دمشق ، والأردن ، وفلسطين . { لِنُرِيَهُ مِنْ ءاياتنا } أي : لكي نريه من آياتنا . أراه الله تعالى في تلك الليلة من عجائب السموات والأرض .
{ إِنَّهُ هُوَ السميع } لمقالة أهل مكة وإنكارهم { البصير } أي : العليم بهم . وذلك أنه لما أخبرهم عن قصة تلك الليلة ، أنكروا . وروى الزهري عن عروة قال : إنه لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى ، فأخبر الناس بذلك ، فارتد ناس كثير ممن كان صدقه ، وفتنوا بذلك ، وكذبوا به ، وسعى رجال من المشركين إلى أبي بكر ، فقالوا له : هذا صاحبك يزعم أنه قد أُسري به الليلة إلى بيت المقدس ، ثم رجع من ليلته . فقال أبو بكر : أو قال ذلك ؟ قالوا : نعم . قال : فإني أشهد إن كان قال ذلك أنه قد صدق . فقالوا : أتصدقه بأنه جاء إلى الشام في ليلة واحدة : ورجع قبل أن يصبح . فقال أبو بكر : نعم . إني أصدقه في أبعد من ذلك . أصدقه بخبر السماء غدوة وعشية . فبذلك سمي أبا بكر الصديق . قال الزهري : أخبرني أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم فرضت عليه الصلاة ليلة أسري به خمسين ، ثم نقصت إلى خمس ، ثم نودي يا محمد ما يبدل القول لدي ، وإن لك بالخمس خمسين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.