بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَتَهَجَّدۡ بِهِۦ نَافِلَةٗ لَّكَ عَسَىٰٓ أَن يَبۡعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامٗا مَّحۡمُودٗا} (79)

ثم قال : { وَمِنَ الليل فَتَهَجَّدْ بِهِ } ، يعني : قم بالليل بعد النوم والتهجد القيام بعد النوم ؛ { نَافِلَةً لَّكَ } ؛ روى شهر بن حوشب ، عن أبي أمامة أنه قال : كانت النافلة لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة ؛ وقال مجاهد : لم تكن النافلة إلا للنبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ؛ ويقال : { نَافِلَةً لَّكَ } ، أي فضلاً لك ؛ ويقال : خاصة لك { عسى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُودًا } ؛ قال مقاتل : يعني : إن الشفاعة لأصحاب الأعراف يحمده الخلق كلهم ؛ ويقال : إخراج قوم من النار .

قال الفقيه : حدّثنا الخليل بن أحمد قال : حدّثنا محمد بن معاوية الأنماطي قال : حدّثنا الحسن بن الحسين ، عن عطية العوفي قال : حدّثنا أبو حنيفة ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في قوله : { عسى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُودًا } قال : « يُخْرِجُ الله أقْوَاماً مِنَ النَّارِ مِنْ أهْلِ الإيمانِ بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ، فذلك المَقَامُ المَحْمُودُ ، فَيُؤْتَى بِهِمْ نَهَراً يُقَالُ لَهُ الحَيَوَانُ ، فَيُلْقَوْنَ فِيهِ ؛ فَيُنْبَتُونَ كَمَا ينبتُ التَّقَاريرُ . ثم يُخْرَجُونَ فَيُدْخَلُونَ الجَنَّةَ ، فَيُسَمَّوْنَ فِيهَا الجَهَنَّمِيُّونَ . قال : ثم يطلبونَ إلى الله تعالى أَنْ يُذْهِبَ عَنْهُمْ هذا الاسْمَ ، فَيُذْهِبَهُ عَنْهُمْ » . وروي عن حذيفة بن اليمان أنه قال : يجمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة في صعيد واحد ، ينفذهم البصر ويسمعهم المنادي ، فيقول : يا محمد ، فيقول : « لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالخَيْرُ بِيَدَيْكَ » . وهو المقام المحمود ، ويغبطه به الأولون والآخرون .