بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَيَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِۖ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنۡ أَمۡرِ رَبِّي وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِ إِلَّا قَلِيلٗا} (85)

قوله : { وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الروح قُلِ الروح مِنْ أَمْرِ رَبّى } ، أي لا علم لي فيه ؛ وقال مجاهد : الروح خلق من خلق الله تعالى ، له أيْدٍ وأرجل ؛ وقال مقاتل : الروح ملك عظيم على صورة الإنسان ، أعظم من كل مخلوق . وروى معمر ، عن قتادة والحسن أنهما قالا : الروح هو جبريل ؛ وقال قتادة : كان ابن عباس يكتمه ، أي يجعله من المكتوم الذي لا يفسر .

وروى الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن ابن مسعود أنه قال : كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر بقوم من اليهود ، فقال بعضهم : سلوه عن الروح ، وقال بعضهم : لا تسألوه . فقالوا : يا محمد ما الروح ؟ فقام متوكئاً على عسيب ، فظننت أنه يوحى إليه ، فنزل : { وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الروح قُلِ الروح مِنْ أَمْرِ رَبّى } ، فقال بعضهم لبعض : قد قلنا لكم لا تسألوه .

ويقال : الروح ، القرآن كقوله : { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مّنْ أَمْرِنَا } وروي في بعض الروايات ، عن ابن عباس أنه قال : الروح ملك له مائة ألف جناح ، وكل جناح لو فتحه يأخذ ما بين المشرق والمغرب ؛ ويقال : إن جميع الملائكة تكون صفاً واحداً والروح وحده يكون صفاً واحداً ، كقوله : { يَوْمَ يَقُومُ الروح والملائكة صَفّاً لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحمن وَقَالَ صَوَاباً } [ النبأ : 38 ] واحداً ويقال : معناه { يسألونك عن الروح } الذي هو في الجسد ، كيف هو ؟ قل : الروح من أمر ربي ؛ ويقال : الروح جبريل ؛ كقوله : { نَزَلَ بِهِ الروح الأمين } [ الشعراء : 193 ] أي يسألونك عن إتيان جبريل كيف نزوله عليك ؟ { قُلِ الروح مِنْ أَمْرِ رَبّى } . { وَمَا أُوتِيتُم مّن العلم إِلاَّ قَلِيلاً } ، أي ما أعطيتموه من العلم مما عند الله إلاَّ يسيراً .