بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُ ٱتَّقِ ٱللَّهَ أَخَذَتۡهُ ٱلۡعِزَّةُ بِٱلۡإِثۡمِۚ فَحَسۡبُهُۥ جَهَنَّمُۖ وَلَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ} (206)

{ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتق الله } في صنعك ، { أَخَذَتْهُ العزة } ، أي الحمية { بالإثم } ، يعني الحمية في الإثم ، يعني تكبراً . يقول الله تعالى : { فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ المهاد } ، أي ولبئس الفراش ولبئس القرار . فهذه الآية نزلت في شأن أخنس بن شريق ، ولكنها صارت عامة لجميع الناس ؛ فمن عمل مثل عمله ، استوجب تلك العقوبة . وقال بعض الحكماء ، إن من يقتل حماراً ويحرق كدساً ، استوجب الملامة ولحقه الشين إلى يوم القيامة ؛ فالذي يسعى بقتل مسلم كيف يكون حاله ؟ وذكر أن يهودياً كانت له حاجة إلى هارون الرشيد ، فاختلف إلى بابه سنة ، فلم تنقض حاجته ؛ فوقف يوماً على الباب ، فلما خرج هارون الرشيد سعى ووقف بين يديه وقال : اتق الله يا أمير المؤمنين . فنزل هارون عن دابته وخرّ ساجداً لله تعالى ، فلما رفع رأسه أمر به ، فقضيت حاجته . فلما رجع قيل : يا أمير المؤمنين نزلت عن دابتك بقول يهودي ؟ قال : لا ولكن تذكرت قول الله تعالى : { وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتق الله أَخَذَتْهُ العزة بالإثم } إلى آخره . وقال قتادة : ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إِذَا دُعِيْتُمْ إلى الله فَأَجِيبُوا ، وإِذَا سُئِلْتُم بالله فَأَعْطُوا ؛ فإِنَّ المُؤْمِنِينَ كَانُوا كَذَلِكَ » .