فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُ ٱتَّقِ ٱللَّهَ أَخَذَتۡهُ ٱلۡعِزَّةُ بِٱلۡإِثۡمِۚ فَحَسۡبُهُۥ جَهَنَّمُۖ وَلَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ} (206)

والعزة : القوّة والغلبة ، من عَزَّه يعزّه : إذا غلبه ، ومنه : { وَعَزَّنِى فِى الخطاب } [ ص : 23 ] وقيل : العزة هنا : الحمية ، ومنه قول الشاعر :

أخذَته عزّة من جهْله *** فَتولىَّ مُغْضَباً فعل الضَّجِر

وقيل : العزة هنا : المنعة وشدّة النفس . ومعنى : { أَخَذَتْهُ العزة بالإثم } حملته العزة على الإثم ، من قولك أخذته بكذا : إذا حملته عليه ، وألزمته إياه . وقيل : أخذته العزة بما يؤثمه ، أي : ارتكب الكفر للعزة ، ومنه : { بَلِ الذين كَفَرُوا فِى عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ } [ ص : 2 ] وقيل : الباء في قوله : { بالإثم } بمعنى اللام ، أي : أخذته العزّة ، والحمية عن قبول الوعظ للإثم الذي في قلبه ، وهو : النفاق ، وقيل : الباء بمعنى : مع ، أي : أخذته العزّة مع الإثم .

وقوله : { فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ } أي : كافية معاقبة ، وجزاءً ، كما تقول للرجل : كفاك ما حلّ بك ، وأنت تستعظم عليه ما حلّ به . والمهاد جمع المهد ، وهو الموضع المهيأ للنوم ، ومنه مهد الصبي ، وسميت جهنم مهاداً ؛ لأنها مستقرّ الكفار . وقيل المعنى : أنها بدل لهم من المهاد كقوله : { فَبَشّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [ آل عمران : 21 ] وقول الشاعر :

تحية بينهم ضرب وجيع *** . . .

/خ207