نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُ ٱتَّقِ ٱللَّهَ أَخَذَتۡهُ ٱلۡعِزَّةُ بِٱلۡإِثۡمِۚ فَحَسۡبُهُۥ جَهَنَّمُۖ وَلَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ} (206)

ولما كان من الناس من يفعل الفساد فإذا نهى عنه انتهى بين أن هذا على غير ذلك تحقيقاً لألديته{[9068]} فقال مبشراً بأداة التحقيق بأنه لا يزال في الناس من يقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : { وإذا قيل له } من{[9069]} أي قائل كان { اتق الله } {[9070]}أي الملك الأعظم الذي كل شيء تحت قهره{[9071]} واترك ما أنت عليه من الفساد { أخذته{[9072]} } أي قهرته لما له من ملكة الكبر { العزة } في نفسه{[9073]} لما فيها من الكبرياء{[9074]} والاستهانة بأمر الله ، وليس من شأن الخلق الاتصاف بذلك فإن العزة لله جميعاً { بالإثم } أي مصاحباً{[9075]} {[9076]}للذنب ، وهو العمل الرذل{[9077]} السافل وما - {[9078]}لا يحل ويوجب العقوبة باحتقار الغير والاستكبار عليه .

ولما كان هذا الشأن الخبيث شأنه دائماً يمهد به لنفسه التمكين{[9079]} مما يريد سبب عنه قوله : { فحسبه } أي كفايته { جهنم{[9080]} } تكون مهاداً له كما مهد للفساد ، وتخصيص هذا الاسم المنبىء عن الجهامة في المواجهة أي الاستقبال{[9081]} بوجه كريه لما{[9082]} وقع منه من المواجهة لمن أمره من{[9083]} مثله . قال الحرالي : فلمعنى ما يختص بالحكم يسمي تعالى النار{[9084]} باسم من أسمائها - انتهى . { ولبئس المهاد * } هي{[9085]} والمهاد{[9086]} موطن الهدوء{[9087]} والمستطاب مما يستفرش ويوطأ - قاله الحرالي ، وقال : فيه إشعار بإمهال الله عزّ وجلّ لهذه الأمة رعاية لنبيها فأحسب{[9088]} فاجرها وكافرها بعذاب الآخرة ، ولو عاجل مؤمنها بعقوبة الدينا فخلص{[9089]} لكافرها الدنيا ولمؤمنها{[9090]} الآخرة وأنبأ بطول المقام والخلود فيها{[9091]} .


[9068]:في الأصل: إلا لرتبة، والتصحيح من م وظ ومد.
[9069]:زيد من م وظ ومد.
[9070]:ليست في ظ.
[9071]:ليست في ظ.
[9072]:احتوت عليه وأحاطت به وصار كالمأخوذ لها كما يأخذ الشيء باليد. قال الزمخشري: من قوله: أخذته بكذا. إذا حملته عليه وألزمته إياه، أي حملته العزة التي فيه وحمية الجاهلية على الإثم الذي ينهي عنه وألزمته ارتكابه وأن لا يخلى ضررا ولجاجا أو على رد قول الواعظ، انتهى كلامه – البحر المحيط 2 / 117.
[9073]:في ظ: سننه.
[9074]:زيد من م ومد وظ.
[9075]:من م ومد وظ، وفي الأصل: تصاحبا، وزيد بعده في ظ: له.
[9076]:العبارة من هنا إلى "العقوبة" ليست في ظ.
[9077]:من م ومد، وفي الأصل: المرذل.
[9078]:من م ومد وفي الأصل: مما.
[9079]:في م ومد: للتمكن، وفي ظ: للمتمكن.
[9080]:جهنم علم للنار، وقيل: اسم الدرك الأسفل فيها، وهي عربية مشتقة من قولهم: ركية جهنام، إذا كانت بعيدة القعر، وقد سمى الرجل بجهنام أيضا، فهو علم وكلاهما من الجهم وهو الكراهة والغلظة فالنون على هذا زائدة فوزنه فعنل، وقد نصوا على أن جهامنا وزنه فعنال....وقيل: هي أعجمية وأصلها كهنام فعربت بإبدال من الكاف حيما وبإسقاط الألف – البحر المحيط 2 / 108 و 109.
[9081]:في ظ: للاستقبال.
[9082]:زيد من م ومد وفي ظ: الما.
[9083]:ليس في م.
[9084]:من م ومد وظ، وفي الأصل: المختار.
[9085]:زيد من ظ وفي البحر المحيط 2 / 118: وحذف هنا المخصوص بالذم للعلم به غذ هو متقدم والتقدير: ولبئس المهاد جهنم – أو: هي.
[9086]:"المهاد" الفراش وهو ما وطئ للنوم، وقيل: هو جمع مهد وهو الموضع المهيأ للنوم – البحر المحيط 2 / 109.
[9087]:في الأصل: الهدى، وفي م ومد: الهد، والتصحيح من ظ.
[9088]:زيد من م ومد وظ.
[9089]:من م وظ ومد، وفي الأصل: فخاص.
[9090]:من م ومد، وفي الأصل: فلمومنها.
[9091]:زيد في م وظ ومد: انتهى.