بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{يُؤۡتِي ٱلۡحِكۡمَةَ مَن يَشَآءُۚ وَمَن يُؤۡتَ ٱلۡحِكۡمَةَ فَقَدۡ أُوتِيَ خَيۡرٗا كَثِيرٗاۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّآ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (269)

{ يُؤْتِى الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء } قال ابن عباس : يعني النبوة . وقال الكلبي : يعني الفقه . وقال مقاتل : يعني علم القرآن . ويقال : الإصابة في القول . ويقال : المعرفة بمكائد الشيطان ووساوسه . وقال مجاهد : الإصابة في القول والفهم والفقه . { وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا } يقول من يعط علم القرآن ، فقد أعطي خيراً كثيراً . { وَمَا يَذَّكَّرُ } أي ما يتفكر . ويقال : ما يتعظ بما في القرآن { إِلاَّ أُوْلُواْ الألباب } يعني ذوي العقول . ويقال : إن من أعطي الحكمة والقرآن ، فقد أعطي أفضل مما أعطي من جميع كتب الأولين من الصحف وغيرها ، لأنه تعالى قال لأولئك { وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً }[ سورة الإسراء : 85 ] ، وسمي لهذا { خيراً كثيرا }ً ، لأن هذا جوامع الكلم .

وقال بعض الحكماء : من أعطي العلم والقرآن ، ينبغي أن يعرف نفسه ، ولا يتواضع لأصحاب الدنيا لأجل دنياهم ، لأن ما أُعطيَ هو أفضلُ مما أعطي أصحابُ الدنيا ، لأن الله تعالى سمى الدنيا متاعاً قليلاً . وقال : { قل متاعُ الدنيا قليل }[ النساء : 77 ] ، وسمّى العلمَ { خيراً كثيراً } .