الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{يُؤۡتِي ٱلۡحِكۡمَةَ مَن يَشَآءُۚ وَمَن يُؤۡتَ ٱلۡحِكۡمَةَ فَقَدۡ أُوتِيَ خَيۡرٗا كَثِيرٗاۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّآ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (269)

{ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ }[ البقرة :269 ]

أَيْ : يعطيها لِمَنْ يَشَاء من عباده ، والحكمةُ : مصدرٌ من الإِحكام ، وهو الإِتقان في عملٍ أو قولٍ ، وكتابُ اللَّهِ حكْمَةٌ ، وسُنَّةُ نبيِّه -عليه السلام- حِكْمَةٌ ، وكلُّ ما ذكره المتأوِّلون فيها ، فهُوَ جُزْء من الحكْمة التي هي الجنْس ، قال الإِمامُ الفَخْر في " شرحه لأسماء اللَّه الحسنى " : قال المحقِّقون العلماءُ : ثلاثةٌ علماءُ بأحكامِ اللَّهِ فقط ، وهم العلماءُ أصحابُ الفتوى ، وعلماءُ باللَّهِ فقَطْ ، وهم الحكماءُ ، وعلماءُ بالقِسْمَيْن ، وهُمُ الكبراءُ ، فالقسْم الأول كالسِّراجِ يحرقُ نَفْسَه ، ويضيءُ لغَيْره ، والقسم الثَّاني حالُهم أكْمَلُ من الأوَّل ، لأنه أَشْرَقَ قَلْبُهُ بمَعْرفة اللَّه ، وسره بنُور جلالِ اللَّه ، إِلاَّ أنه كالكَنْز تَحْت التُّرَابِ ، لا يصلُ أَثَرُه إلى غيره ، وأما القسمُ الثالثُ ، فهم أشرفُ الأقسامِ ، فهو كالشَّمْسِ تضيءُ العَالَمَ ، لأنه تامٌّ ، وفوْقَ التامّ ، انتهى .

وباقي الآية تذكرةٌ بيِّنة ، وإقامة لِهِمَمِ الغَفَلَةِ - و{ الألباب } : العقولُ ، واحدها لُبٌّ .