محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{يُؤۡتِي ٱلۡحِكۡمَةَ مَن يَشَآءُۚ وَمَن يُؤۡتَ ٱلۡحِكۡمَةَ فَقَدۡ أُوتِيَ خَيۡرٗا كَثِيرٗاۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّآ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (269)

/ { يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤتَ الحكمةَ فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذّكّر إلا أولوا الألباب 269 } .

{ يؤتي الحكمة من يشاء } قال كثيرون : الحكمة إتقان العلم والعمل . وبعبارة أخرى معرفة الحق والعمل به . قال أبو مسلم : الحكمة فِعلة من الحكم وهي كالنحلة من النحل ، ورجل حكيم إذا كان ذا حجًا ولبٍّ وإصابة رأي . وهو في هذا الموضع في معنى الفاعل . ويقال : أمر حكيم ، أي محكم ، وهو فعيل بمعنى مفعول ، قال تعالى : { فيها يفرق كل أمر حكيم } {[1433]} .

{ ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا } إذ بها انتظام أمر الدارين . والإظهار في مقام الإضمار لإظهار الاعتناء بشأنها . وفي إيلاء هذه الآية لما قبلها إشعار بأن الذي لا يغتر بوعد الشيطان ويوقن بوعد الله هو من آتاه الله الحكمة { وما يذّكر } أي يتعظ بأمثال القرآن والحكمة { إلا أولوا الألباب } أي ذوو العقول من الناس ، الخالصة من شوائب الهوى . وهم الحكماء . والمراد به الحث على العمل بما تضمنت الآي في معنى الإنفاق .


[1433]:[44/ الدخان/ 4].