بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٞ فَٱسۡتَمِعُواْ لَهُۥٓۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَن يَخۡلُقُواْ ذُبَابٗا وَلَوِ ٱجۡتَمَعُواْ لَهُۥۖ وَإِن يَسۡلُبۡهُمُ ٱلذُّبَابُ شَيۡـٔٗا لَّا يَسۡتَنقِذُوهُ مِنۡهُۚ ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلۡمَطۡلُوبُ} (73)

قوله عز وجل : { المصير يأَيُّهَا الناس ضُرِبَ مَثَلٌ فاستمعوا لَهُ } يعني : بين ووصف شبه به لآلهتكم ، أي أجيبوا عنه ؛ وقال بعضهم : ليس هاهنا مثل ، وإنما أراد به قطع الشغب لأنهم كانوا يقولون : { وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لهذا القرءان والغوا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ } [ فصلت : 26 ] ، فقال : يا أيها الناس ضرب مثل ، فاصغوا إليه استماعاً للمثل . فأوقع في أسماعهم عيب آلهتهم ، فقال : { إِنَّ الذين تَدْعُونَ مِن دُونِ الله } ، ويقال مثلكم مثل من عبد آلهة ، { لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً } ، أي يقدروا على خلق الذباب ؛ ويقال : المثل في الآية لا غير ، وهو قوله : { إِنَّ الذين تَدْعُونَ مِن دُونِ الله لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً } ، أي لن يقدروا أن يخلقوا ذباباً من الذباب في المثل . { وَلَوِ اجتمعوا لَهُ } ، أي على تخليقه .

ثم ذكر من أمرها ما هو أضعف من خلق الذباب ، فقال : { وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذباب شَيْئاً } ، وذلك أنَّهم كانوا يلطخون العسل على فم الأصنام ، فيجيء الذباب فيسلب منها ما لطخوا عليها . { لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ } ، أي لا يقدرون أن يستنقذوا من الذباب ما أخذ منهم . { ضَعُفَ الطالب والمطلوب } ، يعني : الذباب والصنم ؛ ويقال : ضعف العابد والمعبود .