فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٞ فَٱسۡتَمِعُواْ لَهُۥٓۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَن يَخۡلُقُواْ ذُبَابٗا وَلَوِ ٱجۡتَمَعُواْ لَهُۥۖ وَإِن يَسۡلُبۡهُمُ ٱلذُّبَابُ شَيۡـٔٗا لَّا يَسۡتَنقِذُوهُ مِنۡهُۚ ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلۡمَطۡلُوبُ} (73)

{ يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له }

{ ذبابا } اسم واحد للذكر والأنثى من الهوام المعروفة . { لا يستنقذوه } لا يستخلصوه .

[ ضرب للأصنام مثلا . . . بلفظ الماضي لأنه معلوم من قبل لكل ذي عقل ؛ والمثل بمعنى : المثل ، استعاروه لجملة من الكلام مستغربة مستفصحة ، متلقاة بالرضا والقبول ، أهل للتسيير والإرسال ، وذلك أنهم جعلوا مضربها مثلا لموردها ، ثم استعاروا هذا المستعار للقصة أو الحالة أو الصفة المستغربة لتماثلهما في الغرابة ، وهذا هو الذي قصد في الآية { فاستمعوا له } أي : تدبروه وحق له ذلك فإن السماع المجرد لا نفع له . . . { ولو اجتمعوا له } نصب على الحال كأنه قيل : مستحيل أن يخلقوا الذباب مشروطا عليهم اجتماعهم جميعا ، فكيف لو انفردوا ؟ وأقول : الظاهر أن { لو } هذه للمبالغة ، وجوابه محذوف لدلالة ما تقدم عليه ، تقديره : ولو اجتمعوا لخلق الذباب لن يخلقوه أيضا . . . ثم زاد لعجزهم وضعفهم تأكيدا بقوله : { وإن يسلبهم الذباب } الآية ؛ بمعنى : اترك أمر الخلق والإيجاد وتكلم فيما هو أسهل من ذلك ؛ إن هذا الحيوان الضعيف الذي لا قدرة لهم على خلقه لو سلب منهم شيئا لم يقدروا أيضا على استخلاص ذلك الشيء منه . . . ثم عجب من ضعف الأصنام والذباب بقوله : { ضعف الطالب والمطلوب } فالصنم كالطالب من حيث إنه يطلب خلق الذباب أو يطلب استنقاذ ما سلبه منه ]{[2286]} .


[2286]:ما بين العلامتين مما أورده النيسابوري.