بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوۡلَا نُزِّلَ عَلَيۡهِ ٱلۡقُرۡءَانُ جُمۡلَةٗ وَٰحِدَةٗۚ كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِۦ فُؤَادَكَۖ وَرَتَّلۡنَٰهُ تَرۡتِيلٗا} (32)

قوله { وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لَوْلاَ } يعني : هلا { نُزّلَ عَلَيْهِ القرءان جُمْلَةً واحدة } كما أنزلت التوراة على موسى ، والإنجيل على عيسى عليهما السلام ، ويقول الله تعالى : { كذلك } يعني : هكذا أنزلناه متفرقاً { لِنُثَبّتَ بِهِ فُؤَادَكَ } يعني : ليحفظ ويقوى به قلبك ونفرحك ، حين دخل قلبه الغم نزلت عليه آية وآيتان فيفرح بها . ويقال : لنثبت به فؤادك يعني : ليكون قبوله على المسلمين أسهل ، لأنه لو أنزلت الأحكام والشرائع كلها جملة واحدة ، شق على المسلمين قبولها ، كما شق على بني إسرائيل . ويقال : أنزلناه هكذا لنرسخ القرآن في قلبك ، لكي تحفظ الآية والآيتين . ويقال : كذلك أنزلناه لتحكم عند كل حادثة ، وعند كل واقعة لتقوي به قلبك في ذلك { وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً } يعني : بيناه تبييناً .

ويقال : شيء رتل ورتيل إذا كان مبيناً . وقال مجاهد : ورتلناه ترتيلاً ، أي : بعضه على أثر بعض .

وروى عكرمة عن ابن عباس قال : أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا ، ثم أنزل بعد ذلك جبريل عليه السلام به في عشرين سنة ، وهو قوله تعالى : { كَذَلِكَ لِنُثَبّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً } { وَقُرْءانًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى الناس على مُكْثٍ ونزلناه تَنْزِيلاً } [ الإسراء : 106 ] .