بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ فَإِذَآ أُوذِيَ فِي ٱللَّهِ جَعَلَ فِتۡنَةَ ٱلنَّاسِ كَعَذَابِ ٱللَّهِۖ وَلَئِن جَآءَ نَصۡرٞ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمۡۚ أَوَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِأَعۡلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (10)

قوله عز وجل : { وَمِنَ الناس مَن يَقُولُ ءامَنَّا بالله } نزلت في عياش بن أبي ربيعة هاجر إلى المدينة قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم إليها ، فجزعت أمه من ذلك جزعاً شديداً . فقالت لأخويه : أبي جهل بن هشام والحارث بن هشام ، وهما أخواه لأمه ، وأبناء عمه ، فخرجوا في طلبه ، فظفروا به . وقالوا له : إن برّ الوالدة واجب ، فعليك أن ترجع فتبرها ، فإنها حلفت أن لا تأكل ولا تشرب ، وأنت أحب الأولاد إليها ، فلم يزالوا به حتى تتابعهم ، فجاؤوا به إلى أمه ، فعمدت أمه فقيدته ، وقالت : والله لا أحلك من وثاقك حتى تكفر بمحمد ، وضربوه حتى رجع إلى دينهم فنزل { وَمِنَ الناس مَن يَقُولُ ءامَنَّا بالله } { فَإِذَا أُوذِىَ فِى الله } يعني : عذب في دين الله عز وجل : { جَعَلَ فِتْنَةَ الناس } يعني : عذاب إخوته في الدنيا { كَعَذَابِ الله } في الآخرة ويقال نزلت في قوم من المسلمين أخذوهم إلى مكة ، وعذبوهم حتى ارتدوا فنزل { مِنَ الناس *** مَن يِقُولُ ءامَنَّا بالله فَإِذَا أُوذِىَ فِى الله جَعَلَ فِتْنَةَ الناس كَعَذَابِ الله } يعني : جزع من ذلك كما يجزع من عذاب الله فينبغي للمسلم أن يصبر على إيذائه في الله ، وصارت الآية لجميع المسلمين ليصبروا على ما أصابهم في الله عز وجل .

ثم قال : { وَلَئِنْ جَاء نَصْرٌ مّن رَّبّكَ } يعني : لو يجيء نصر من الله عز وجل بظهور الإسلام والغلبة على العدو بمكة وغيرها { لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ } أي : على دينكم { أَوَلَيْسَ *** الله بِأَعْلَمَ } يعني : أوليس الله عليم { بِمَا فِى صُدُورِ العالمين } من التصديق والتكذيب أعلم بمعنى عليم يعني : هو عليم بما في قلوب الخلق ويقال : معناه هو أعلم بما في صدورهم منهم . أي : بما في صدور أنفسهم