بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{إِنَّ ٱلَّذِي فَرَضَ عَلَيۡكَ ٱلۡقُرۡءَانَ لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٖۚ قُل رَّبِّيٓ أَعۡلَمُ مَن جَآءَ بِٱلۡهُدَىٰ وَمَنۡ هُوَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (85)

قوله عز وجل : { إِنَّ الذى فَرَضَ عَلَيْكَ القرءان } يعني : أنزل عليك القرآن . ويقال : أمرك بالعمل بما في القرآن { لَرَادُّكَ إلى مَعَادٍ } .

وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الموت . وقال السدي : إلى معاد يعني : الجنة . وهكذا روي عن مجاهد .

وروي عن عكرمة عن ابن عباس قال : يعني : إلى مكة . وقال القتبي : معاد الرجل بلده ، لأنه يتصرف في البلاد ، وينصرف في الأرض ثم يعود إلى بلده . والعرب تقول : ردّ فلان إلى معاده ، يعني : إلى بلده ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم حين خرج من مكة إلى المدينة اغتم لمفارقته مكة ، لأنها مولده وموطنه ، ومنشأه وبها عشيرته ، واستوحش فأخبر الله تعالى في طريقه أنه سيرده إلى مكة ، وبشره بالظهور والغلبة . ثم قال تعالى : { قُل رَّبّى أَعْلَمُ مَن جَاء بالهدى } أي يعني : بالرسالة والقرآن ، وذلك حين قالوا : إنك في ضلال مبين { وَمَنْ هُوَ فِى ضلال مُّبِينٍ } وذلك حين قالوا : فنزل { قُل رَّبّى أَعْلَمُ مَن جَاء بالهدى } يعني : فأنا الذي جئت بالهدى ، وهو يعلم بمن هو في ضلال مبين نحن أو أنتم .