بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلۡهُدَىٰ وَيَتَّبِعۡ غَيۡرَ سَبِيلِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ نُوَلِّهِۦ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصۡلِهِۦ جَهَنَّمَۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرًا} (115)

قوله تعالى : { وَمَن يُشَاقِقِ الرسول } يعني يخالفه في التوحيد { مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهدى } أي من بعد ما تبين لهم التوحيد { وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المؤمنين } أي يتبع ديناً غير دين المؤمنين ، ويقال : يتبع طريقاً أو مذهباً غير طريق المؤمنين . وفي الآية دليل أن الإجماع حجة ، لأن من خالف الإجماع فقد خالف سبيل المؤمنين . وقال الضحاك : قدم نفر من قريش المدينة وأسلموا ، ثم انقلبوا إلى مكة مرتدين ، فنزلت هذه الآية { وَمَن يُشَاقِقِ الرسول مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهدى } أي دين الإسلام { وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المؤمنين } المسلمين { نُوَلّهِ مَا تولى } نكله إلى الأصنام يوم القيامة ، وهم لا يملكون لهم ضراً ولا نفعاً ، ولا ينجونهم من عذاب الله تعالى . وقال مقاتل : { نُوَلّهِ مَا تولى } أي نتركه وما اختار لنفسه . وقال الكلبي : { نُوَلّهِ مَا تولى } يعني نوله في الآخرة ما تولى في الدنيا ، وهذا كما قال بعض الحكماء : من أراد أن يعلم كيف يعامل معه في الآخرة ، فلينظر كيف يعامل هو في الدنيا . وقال الكلبي : نزلت الآية في شأن طعمة ، لما ظهر حاله وسرقته هرب إلى مكة وارتد ، فنقب بمكة حائطاً لرجل ، فسقط حجر فبقي في النقب حتى وجدوه على حاله ، فأخرجوه من مكة فخرج إلى الشام ، فسرق بعض أموال القافلة فرجموه وقتلوه ، فنزل قوله : { نُوَلّهِ مَا تولى } . { وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً } قرأ حمزة وعاصم وأبو عمرو { نُوَلّهِ وَنُصْلِهِ } بجزم الهاء ، وقرأ الباقون بالكسر وهما لغتان .