محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلۡهُدَىٰ وَيَتَّبِعۡ غَيۡرَ سَبِيلِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ نُوَلِّهِۦ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصۡلِهِۦ جَهَنَّمَۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرًا} (115)

( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا115 )

( ومن يشاقق الرسول ) أي يخالفه ويعاديه ( من بعد ما تبين له الهدى ) أي اتضح له الحق ( ويتبع غير سبيل المؤمنين ) أي غير ما هم مستمرون عليه من عقد وعمل ، وهو الدين القيم ( نوله ما تولى ) أي : نجعله واليا مرجحا ما تولاه من المشاقة ومتابعة غير سبيلهم فنزينه له تزين الكفر على الكفرة ، استدراجا له ليكون دليلا على شدة العقوبة في الآخرة . كما قال تعالى : ( فذرني ومن يكذب بهذا الحديث * سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ) {[2254]} . وقال تعالى : ( فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم ){[2255]} . وقال سبحانه : ( ونذرهم في طغيانهم يعمهون ) {[2256]} ( ونصله جهنم ) أي : ندخله إياها ( وساءت مصيرا ) وجعل النار مصيره في الآخرة . لأن من خرج عن الهدى لم يكن له طريق إلا إلى النار يوم القيامة . كما قال تعالى : ( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم ) {[2257]} . . . الآية . وقال تعالى : ( ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا ) {[2258]} .

/ قال الإمام ابن كثير : قوله تعالى : ( واتبع غير سبيل المؤمنين ) هذا ملازم للصفة الأولى . ولكن قد تكون المخالفة لنص الشارع وقد تكون لما اجتمعت عليه الأمة المحمدية فيما علم اتفاقهم عليه تحقيقا . فإنه قد ضمنت لهم العصمة ، في اجتماعهم ، من الخطأ ، تشريفا لهم وتعظيما لنبيهم . وقد وردت أحاديث كثيرة في ذلك . ومن العلماء من ادعى تواتر معناها . والذي عول عليه الشافعي رحمه الله في الاحتجاج على كون الإجماع حجة تحرم مخالفته ، هذه الآية الكريمة . بعد التروي والفكر الطويل ، وهو من أحسن الاستنباطات وأقواها . وان كان بعضهم قد استشكل ذلك فاستبعد الدلالة منها على ذلك . انتهى .

وقال بعض مفسري الزيدية : الآية دلت على أن مشاقة الرسول صلى الله عليه وسلم كبيرة . وقد تبلغ إلى الكفر . ودلت على أن الجهل عذر . لقوله : ( من بعد ما تبين له الهدى ) . ودلت على أن مخالفة الإجماع كبيرة . وأنه دليل كالكتاب والسنة . لكن إنما يكون كبيرة إذا كان نقله قطعيا ، لا آحاديا . انتهى .

وقال المهايمي : في الآية دليل على حرمة مخالفة الإجماع . لأنه عز وجل رتب الوعيد الشديد على مشاقة الرسول ومخالفة الإجماع ، فهو إما حرمة أحدهما وهو باطل . إذ يقبح أن يقال من شرب الخمر وأكل الخبز استوجب الحد ، إذ لا دخل لأكل الخبز فيه . أو لحرمة الجمع بينهما وهو أيضا باطل . لأن مشاقة الرسول حرام وان لم يضم إليها غيرها . أو لحرمة كل واحد منهما وهو المطلوب . انتهى .

ونقل الخفاجي قصة استدلال الشافعي من هذه الآية عن الإمام المزني قال : كنت عند الشافعي يوما . فجاءه شيخ عليه لباس صوف وبيده عصا . فلما رآه ذا مهابة استوى جالسا ، وكان مستندا لأسطوانة ، فاستوى وسوى ثيابه . فقال له : ما الحجة في دين الله ؟ قال : كتابه قال : وماذا ؟ قال : سنة نبيه . قال وماذا ؟ قال : اتفاق الأمة . قال : من أين هذا الأخير ؟ أهو في كتاب الله ؟ فتدبر ساعة ساكتا . فقال له الشيخ : أجلتك ثلاثة أيام بلياليهن . فإن جئت بآية ، وإلا فاعتزل الناس . فمكث ثلاثة أيام لا يخرج . وخرج في اليوم الثالث بين الظهر والعصر ، وقد تغير لونه . فجاءه الشيخ وسلم عليه وجلس . وقال : حاجتي . فقال : نعم . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم . بسم الله الرحمن الرحيم . قال الله عز وجل : ( ومن يشاقق الرسول ) –إلى آخر الآية . لم يصله جهنم ، على خلاف المؤمنين ، إلا وإتباعهم فرض . قال : صدقت . وقام وذهب .

وروي عنه انه قال : قرأت القرآن في يوم وفي كل ليلة ثلاث مرات . حتى ظفرت بها .

وأورد الراغب عليه ، أنه لا حجة فيها على ما ذكره . بان كل موصوف علق به حكم فالأمر بإتباعه يكون في مأخذ ذلك الوصف . فإذا قيل اقتد بالمصلي فالمراد في صلاته . فكذا سبيل المؤمنين ، يعني به سبيلهم في الإيمان ، لا غير . فلا دلالة في الآية على إتباعهم في غيره . ورد بأنه تخصيص بما يأباه الشرط الأول . ثم انه إذا كان مألوف الصائمين الاعتكاف ، تناول الأمر بإتباعهم ذلك أيضا . فكذلك يتناول ما هو مقتضى الإيمان فيما نحن فيه . فسبيل المؤمنين ، وان فسر بما هم عليه من الدين ، يعم الأصول والفروع ، الكل والبعض . على أن الجزاء مرتب على كل من الأمرين المذكورين في الشرط ، لا على المجموع . للقطع بان مجرد مشاقة الرسول كافية في استحقاق الوعيد ، معنى على إن ترك إتباع سبيل المؤمنين إتباع لغير سبيل المؤمنين . لأن المكلف لا يخلو من إتباع سبيل ، البتة . انتهى . ورأيت للإمام تقي الدين بن تيمية في كتابه ( الفرقان بين الحق والباطل ) مقالة بديعة في هذه الآية والإجماع . أحال فيها جواد قلمه وأجاد . وأطال وأطاب . قال رحمه الله : ما يسميه ناس الفروع والشرع والفقه ، فهذا قد بينه الرسول أحسن بيان . فما بقي مما أمر الله به أو نهى عنه أو حلله أو حرمه إلا بين ذلك . وقد قال تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم ) {[2259]} .

/ وقال تعالى : ( ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون ) {[2260]} . وقال تعالى : ( ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين ) {[2261]} . وقال تعالى : ( وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله * ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب ) {[2262]} . وقال تعالى : ( وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون ) {[2263]} . فقد بين للمسلمين جميع ما يتقونه . كما قال : ( وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه ) {[2264]} . وقال تعالى : ( فان تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ){[2265]} . وهو الرد إلى كتاب الله ، / أو إلى سنة الرسول ، بعد موته . وقوله : ( فإن تنازعتم ) شرط . والفعل نكرة في سياق الشرط . فأي شيء تنازعوا فيه ردوه إلى الله والرسول . ولو لم يكن بيان الله والرسول فاصلا للنزاع لم يؤمروا بالرد إليه . وقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : {[2266]} " تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك " . وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كلام نحو هذا . والحاصل أن الكتاب والسنة وافيان بجميع أمور الدين . وأما إجماع الأمة فهو في نفسه حق . لا تجتمع الأمة على ضلالة . وكذلك القياس الصحيح حق . فإن الله بعث رسله بالعدل وأنزل / الميزان مع الكتاب . والميزان يتضمن العدل وما يعرف به العدل . وقد فسروا إنزال ذلك بان ألهم العباد معرفة ذلك .

والله ورسوله يسوي بين المتماثلين ويفرق بين المختلفين وهذا هو القياس الصحيح ، وقد ضرب الله في القرآن من كل مثل . وبين القياس الصحيح ، وهي الأمثال المضروبة ، ما بينه من الحق . لكن القياس الصحيح يطابق النص . فإن الميزان يطابق الكتاب . والله أمر نبيه أن يحكم بالعدل . فهو أنزل الكتاب . وإنما أنزل الكتاب بالعدل . قال تعالى : ( وأن احكم بينهم بما انزل الله ) {[2267]} . ( وان حكمت فاحكم بينهم بالقسط ) {[2268]} . وأما إجماع الأمة فهو حق . لا تجتمع الأمة ، ولله الحمد ، على ضلالة . كما وصفها الله بذلك في الكتاب والسنة . فقال تعالى : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) {[2269]} . وهذا وصف لهم بأنهم يأمرون بكل معروف وينهون عن كل منكر . فلو قالت الأمة في الدين بما هو ضلال لكانت لم تأمر بالمعروف في ذلك ، ولم تنه عن المنكر فيه . وقال تعالى : ( وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) {[2270]} . والوسط العدل الخيار . وقد جعلهم الله شهداء على الناس / وأقام شهادتهم مقام شهادة الرسول . وقد ثبت في ( الصحيح ) {[2271]} " أن النبي صلى الله عليه وسلم مر عليه بجنازة فأثنوا عليها خيرا . فقال : وجبت . ثم مر عليه بجنازة فأثنوا عليها شرا . فقال : وجبت . قالوا : يا رسول الله ! ما قولك وجبت ؟ قال : هذه الجنازة أثنيتم عليها خيرا . فقلت : وجبت لها الجنة . وهذه الجنازة أثنيتم عليها شرا . فقلت : وجبت لها النار . أنتم شهداء الله في الأرض " .

فإذا كان الرب قد جعلهم شهداء لم يشهدوا بباطل . فإذا شهدوا أن الله أمر بشيء فقد أمر به . وإذا شهدوا أن الله نهى عن شيء فقد نهى عنه . ولو كانوا يشهدون بباطل أو خطأ لم يكونوا شهداء الله في الأرض . وقال تعالى : ( واتبع سبيل من أناب إلي ) {[2272]} . والأمة منيبة إلى ربها فيجب إتباع سبيلها وقال تعالى : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه ) {[2273]} . فرضي عمن اتبع السابقين إلى يوم القيامة . فدل أن متابعهم عامل بما يرضي الله . والله لا يرضى إلا بالحق لا بالباطل . وقال تعالى : ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ) ، والشافعي ، رضي الله عنه ، لما جرد الكلام في أصول الفقه احتج بهذه الآية على الإجماع . كما كان يسمع هو وغيره من مالك . ذكر ذلك عن عمر بن عبد العزيز . والآية دلت على أن متبع غير سبيل المؤمنين ، مستحق للوعيد . كما أن مشاق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ، مستحق للوعيد . ومعلوم أن هذا الوصف يوجب الوعيد بمجرده . فلو لم يكن الوصف الآخر يدخل في ذلك لكان لا فائدة في ذكره . وهنا للناس ثلاثة أقوال : قيل : إتباع غير سبيل المؤمنين هو بمجرده مخالفة الرسول المذكورة في الآية . وقيل بل مخالفة الرسول مستقلة بالذم . فكذلك إتباع غير سبيلهم مستقل بالذم . وقيل : يكون مستلزما له . فكل متابع غير سبيل المؤمنين هو في نفس الأمر مشاق للرسول . وكذلك مشاق الرسول متبع غير سبيل المؤمنين . وهذا كما في طاعة الله والرسول . فإن طاعة الله واجبة . وطاعة الرسول واجبة . وكل واحد من معصية الله ومعصية الرسول موجب للذم . وهما متلازمان . فإنه من يطع الرسول فقد أطاع الله . وفي الحديث الصحيح{[2274]} عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن أطاع أميري فقد أطاعني . ومن عصاني فقد عصى الله ومن عصى أميري فقد عصاني " .

/ ثم قال تقي الدين رحمه الله ( بعد ثلاثة أوراق ) : ومن الناس من يقول : إنها لا تدل على مورد النزاع . فإن الذم فيها لمن جمع الأمرين . وهذا لا نزاع فيه . أو إن سبيل المؤمنين هو الاستدلال بالكتاب والسنة . وهذا لا نزاع فيه . فهذا ونحوه قول من يقول : لا تدل على محل النزاع . وآخرون يقولون : بل تدل على وجوب إتباع المؤمنين مطلقا . وتكلفوا لذلك ما تكلفوه . كما قد عرف كلامهم ولم يجيبوا عن أسئلة أولئك بأجوبة شافية . والقول الثالث الوسط : أنها تدل على وجوب إتباع سبيل المؤمنين وتحريم إتباع غير سبيلهم . ولكن لا ينفي تلازمهما . كما ذكر في طاعة الله والرسول . وحينئذ يقول : الذم إما أن يكون حقا لمشاقة الرسول فقط ، أو بإتباع غير سبيلهم فقط ، أو أن يكون الذم لا يلحق بواحد منهما . بل بهما إذا اجتمعا . أو يلحق الذم بكل منهما وان انفرد عن الآخر ، أو بكل منهما لكونه مستلزما للآخر . والأولان باطلان . لأنه لو كان المؤثر احدهما فقط ، كان ذكر الآخر ضائعا لا فائدة فيه . وكون الذم لا يليق بواحد منهما باطل قطعا . فإن مشاقة الرسول موجبة للوعيد مع قطع النظر عمن اتبعه . ولحوق الذم بكل منهما وان انفرد عن الآخر لا تدل عليه الآية . فإن الوعيد فيها إنما هو على المجموع . بقي القسم الآخر وهو أن كلا من الوصفين يقتضي الوعيد . لأنه مستلزم للآخر . كما يقال مثل ذلك في معصية الله والرسول ومخالفة القرآن والإسلام . فيقال : من خالف القرآن والإسلام أو من خرج عن القرآن والإسلام فهو من أهل النار . ومثله قوله : ( ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا ) . فإن الكفر بكل واحد من هذه الأصول يستلزم الكفر بغيره . فمن كفر بالله كفر بالجميع . ومن كفر بالملائكة كفر بالكتب والرسل ، فكان كافرا بالله . إذ كذب رسله وكتبه . وكذلك إذا كفر باليوم الآخر كذب الكتب والرسل . فكان كافرا . وكذلك قوله : ( يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وانتم تعلمون ) {[2275]} . ذمهم على الوصفين . وكل منهما مقتض للدم . وهما متلازمان . ولهذا نهى عنهما جميعا في قوله : ( ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وانتم تعلمون ) فإنه من لبس الحق بالباطل فغطاه به فغلط به ، لزم أن يكتم الحق الذي تبين أن هذا باطل ، إذ لو بينه زال الباطل الذي لبس به الحق . فهكذا مشاقة الرسول وإتباع غير سبيل المؤمنين . من شاقه ، فقد اتبع غير سبيلهم . وهذا ظاهر . ومن اتبع غير سبيلهم فقد شاقه أيضا فإنه قد جعل له مدخلا في الوعيد ، فدل على أنه وصف مؤثر في الذم . فمن خرج عن إجماعهم فقد اتبع غير سبيلهم قطعا ، والآية توجب ذم ذلك . وإذا قيل : هي إنما ذمته مع مشاقة الرسول . قلنا : لأنهما متلازمان . وذلك لأن كل ما أجمع عليه المسلمون فإنه يكون منصوصا عن الرسول . فالمخالف لهم مخالف الرسول . وهذا هو الصواب . فلا يوجد مسألة قط مجمع عليها إلا وفيها بيان من الرسول ولكن قد يخفى ذلك على بعض الناس . ويعلم الإجماع فيستدل به . كما أنه يستدل بالنص من لم يعرف دلالة النص . وهو دليل ثان مع النص ، كالأمثال المضروبة في القرآن . وكذلك الإجماع دليل آخر . كما يقال : قد دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع . وكل من هذه الأصول يدل على الحق مع تلازمها . فإن ما دل عليه الإجماع فقد دل عليه الكتاب والسنة . وما دل عليه القرآن فعن الرسول أخذ . فالكتاب والسنة كلاهما مأخوذ عنه . ولا توجد مسألة يتفق الإجماع عليها إلا وفيها نص . وقد كان بعض الناس يذكر فيها الإجماع بلا نص كالمضاربة . وليس كذلك . بل المضاربة كانت مشهورة بينهم في الجاهلية ، لاسيما قريش . فإن الأغلب كان عليهم التجارة . وكان أصحاب الأموال يدفعونها إلى العمال . ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد سافر بمال غيره قبل النبوة كما سافر بمال خديجة . والعير التي كان فيها أبو سفيان كان أكثرها مضاربة مع أبي سفيان وغيره . فلما جاء الإسلام أقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم . وكان أصحابه يسافرون بمال غيرهم مضاربة . ولم ينه عن ذلك . والسنة قوله وفعله وإقراره . فلما أقرها كانت ثابتة بالسنة . والأثر المشهور فيها عن عمر الذي رواه مالك في ( الموطأ ) {[2276]} ، ويعتمد عليه الفقهاء ، " لما أرسل أبو موسى بمال أقرضه لابنيه واتجروا فيه وربحا . وطلب عمر أن يأخذ الربح كله للمسلمين لكونه خصهما بذلك دون سائر الجيش . فقال له أحدهما : لو خسر المال لكان علينا . فكيف يكون الربح وعلينا الضمان ؟ فقال له بعض الصحابة : اجعله مضاربة " .

/ وإنما قال ذلك لأن المضاربة كانت معروفة بينهم . والعهد بالرسول قريب . لم يحدث بعده . فعلم أنها كانت معروفة بينهم على عهد الرسول . كما كانت الفلاحة وغيرها من الصناعات كالخياطة والخرازة . وعلى هذا فالمسائل المجمع عليها قد تكون طائفة من المجتهدين لم يعرفوا فيها نصا فقالوا فيها باجتهاد الرأي الموافق للنص . لكن كان النص عند غيرهم . وابن جرير وطائفة يقولون : لا ينعقد الإجماع إلا عن نص نقلوه عن الرسول . مع قولهم بصحة القياس . ونحن لا نشترط أن يكونوا كلهم علموا النص فنقلوه بالمعنى ، كما نقل الأخبار ، ولكن استقرينا موارد الإجماع فوجدنا كلها منصوصة . وكثير من العلماء لم يعلم النص وقد وافق الجماعة . كما أنه قد يحتج بقياس ، وفيها إجماع لم يعلمه فيوافق الإجماع . وكما يكون في المسألة نص خاص وقد استدل فيها بعموم . كاستدلال ابن مسعود وغيره بقوله تعالى : ( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) {[2277]} . وقال ابن مسعود{[2278]} : " سورة النساء القصرى نزلت بعد الطولى " . أي : بعد البقرة وقوله : ( أجلهن أن يضعن حملهن ) ، / يقتضي انحصار الأجل في ذلك . فلو أوجب عليها أن تعتد بأبعد الأجلين لم يكن أجلها أن تضع حملها . وعلي وابن عباس وغيرهما أدخلوها في عموم الآيتين . وجاء النص الخاص في قصة {[2279]}سبيعة الأسلمية بما يوافق قول ابن مسعود . وكذلك . لما تنازعوا في المفوضة إذا مات زوجها هل لها مهر المثل ، أفتى ابن مسعود فيها برأيه أن لها مهر المثل . ثم رووا حديث بروع بنت واشق بما يوافق ذلك . وقد خالفه علي وزيد وغيرهما . فقالوا : لا مهر لها . فثبت أن بعض المجتهدين قد يفتي بعموم أو قياس ، ويكون في الحادثة نص خاص لم يعلمه فيوافقه . ولا يعلم مسألة واحدة اتفقوا على أنه لا نص فيها . بل عامة ما تنازعوا فيه كان بعضهم يحتج فيه بالنصوص وأولئك يحتجون بنص . كالمتوفى عنها الحامل . هؤلاء احتجوا بشمول الآيتين لها . والآخرون قالوا : إنما تدخل في آية الحمل فقط ، وان آية الشهور في غير الحامل . كما أن آية القروء في غير الحامل . وكذلك لما تنازعوا في الحرام احتج من جعله يمينا بقوله : ( لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم * قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم ) {[2280]} . وكذلك تنازعوا في المبتوتة هل لها نفقة أو سكنى . احتج هؤلاء بحديث فاطمة{[2281]} وبأن السكنى التي في القرآن للرجعية . وأولئك قالوا : بل هي لهما . ودلالات النصوص قد تكون خفية . فخص الله بفهمها بعض الناس . كما قال علي{[2282]} : " إلا فهما / يؤتيه الله عبدا في كتابه " . وقد يكون النص بينا ويذهل المجتهد عنه ، كتيمم الجنب . فإنه بين في القرآن في آيتين . و " لما {[2283]}احتج أبو موسى على ابن مسعود بذلك قال الحاضر : ما درى عبد الله ما يقول ، إلا أنه قال : لو أرخصنا لهم في هذا لأوشك أحدهم إذا وجد البرد أن يتيمم " . وقد قال ابن عباس وفاطمة بنت قيس وجابر : إن المطلقة في القرآن هي الرجعية بدليل قوله : ( لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ) {[2284]} وأي أمر يحدثه بعد الثلاثة ؟ وقد احتج طائفة على وجوب العمرة بقوله : ( وأتموا الحج والعمرة لله ) {[2285]} . واحتج بهذه الآية من منع الفسخ . وآخرون يقولون : إنما أمر بالإتمام فقط . وكذلك أمر الشارع أن يتم . وكذلك في الفسخ قالوا : من فسخ العمرة إلى غير الحج فلم يتمها . أما إذا فسخها ليحج من عامه فهذا قد أتى بما تم مما شرع فيه فإنه شرع صلى الله عليه وسلم أصحابه عام حجة الوداع . وتنازعوا في الذي بيده عقدة النكاح وفي قوله : ( أو لامستم النساء ){[2286]} . ونحو ذلك مما ليس هذا موضع استقصائه . وأما مسألة مجردة اتفقوا على أنه لا يستدل فيها بنص جلي ولا خفي ، فهذا ما أعرفه . والجد ، لما قال أكثرهم : انه أب ، استدلوا على ذلك بالقرآن بقوله{[2287]} : ( كما أخرج أبويكم من / الجنة ) وقال ابن عباس : " لو كانت الجن تظن أن الإنس تسمي أبا الأب جدا لما قالت : ( وأنه تعالى جد ربنا ) {[2288]} " . نقول : إنما هو أب ، لكن أب أبعد من أب . وقد روي عن علي وزيد أنهما احتجا بقياس ، فمن ادعى إجماعهم على ترك العمل بالرأي والقياس مطلقا فقد غلط . ومن ادعى أن من المسائل ما لم يتكلم أحد منهم إلا بالرأي والقياس فقد غلط . بل كان كل منهم يتكلم بحسب ما عنده من العلم . فمن رأى دلالة الكتاب ذكرها . ومن رأى دلالة الميزان ذكرها . والدلائل الصحيحة لا تتناقض . لكن قد يخفى وجه اتفاقهما أو ضعف أحدهما على بعض العلماء . وللصحابة فهم في القرآن يخفى على أكثر المتأخرين . كما أن لهم معرفة بأمور من السنة وأحوال الرسول لا يعرفها أكثر المتأخرين . فإنهم شهدوا التنزيل وعاينوا الرسول . وعرفوا من أقواله وأحوالهما ما يستدلون به على مرادهم ، ما لم يعرفه أكثر المتأخرين الذين لم يعرفوا ذلك . فطلبوا الحكم مما اعتقدوه من إجماع أو قياس . ومن قال من المتأخرين : إن الإجماع مستند معظم الشريعة ، فقد أخبر عن حاله . فإنه لنقص معرفته بالكتاب والسنة احتاج إلى ذلك . وهذا كقولهم : إن أكثر الحوادث يحتاج فيها إلى القياس لعدم دلالة النصوص عليها . فإنما هذا من قول من لا معرفة له بالكتاب والسنة ودلالتهما على الأحكام وقد قال الإمام أحمد رضي الله عنه : انه ما من مسألة إلا وقد تكلم فيها الصحابة أو في نظيرها ، فإنه لما فتحت البلاد وانتشر الإسلام ، حدثت جميع أجناس الأعمال . فتكلموا فيها بالكتاب والسنة . وإنما تكلم بعضهم بالرأي في مسائل قليلة . والإجماع لم يكن يحتج به عامتهم ولا يحتاجون إليه . إذ هم أهل الإجماع ، فلا إجماع قبلهم . لكن لما جاء التابعون كتب عمر إلى شريح : " اقض بما في كتاب الله . فإن لم تجد ، فبما في سنة رسول الله . فإن لم تجد ، فبما قضى به الصالحون قبلك " . وفي رواية : " فبما أجمع عليه الناس " . / فقدم عمر الكتاب ثم السنة : وكذلك ابن مسعود قال مثل ما قال عمر . قدم الكتاب ثم السنة ، ثم الإجماع . وكذلك ابن عباس كان يفتي بما في الكتاب ثم بما في السنة ثم بسنة أبي بكر وعمر . لقوله{[2289]} : " اقتدوا باللذين من بعدي : أبي بكر وعمر " . وهذه الآثار ثابتة عن عمر وابن مسعود وابن عباس . وهم من أشهر الصحابة بالفتيا والقضاء . وهذا هو الصواب . ولكن طائفة من المتأخرين قالوا : يبدأ المجتهد ينظر أولا في الإجماع . فإن وجده لم يلتفت إلى غيره . وان وجد نصا خالفه اعتقد أنه منسوخ بنص لم يبلغه . وقال بعضهم : الاجماع نسخه .

والصواب طريقة السلف . وذلك لأن الاجماع إذا خالفه نص فلا بد أن يكون مع الاجماع نص معروف به أن ذاك منسوخ . فاما أن يكون النص المحكم قد ضعيته الأمة ، وحفظت النص المنسوخ ، فهذا لا يوجد قط . وهو نسبة الأمة إلى حفظ ما نهيت عن اتباعه . واضاعة ما أمرت باتباعه . وهي معصومة عن ذلك . ومعرفة الاجماع قد تتعذر كثيرا أو غالبا . فمن الذي يحيط بأقوال المجتهدين ؟ بخلاف النصوص ، فإن معرفتها ممكنة متيسرة . وهم انما كانوا يقضون بالكتاب أولا . لان السنة لا تنسخ الكتاب . فلا يكون في القرآن شيء منسوخا بالسنة . بل ان كان فيه منسوخ ، كان في القرآن ناسخه . فلا يقدم غير القرآن عليه . ثم إذا لم يجد ذلك طلبه في السنة . ولا يكون في السنة شيء منسوخ الا والسنة نسخته . لا ينسخ السنة اجماع ولا غيره . ولا تعارض السنة باجماع . وأكثر ألفاظ الآثار . فإن لم يجد فالطالب قد لا يجد مطلوبه في السنة . مع أنه فيها . وكذلك في القرآن . فيجوز له إذا لم يجده في القرآن أن يطلبه في السنة . وإذا كان في السنة لم يكن ما في السنة معارضا لما في القرآن . وكذلك الاجماع الصحيح لا يعارض كتابا ولا سنة . انتهى كلامه قدس الله روحه .


[2254]:|68/ القلم/ 44|.
[2255]:|61/ الصف/ 5| ونصها: (واذ قال موسى لقومه يا قوم لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله اليكم فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين5).
[2256]:|6/ الانعام/ 110| ونصها: (ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون110).
[2257]:|37/ الصافات/ 22| (... وما كانوا يعبدون22).
[2258]:|18/ الكهف/ 53|.
[2259]:|5/ المائدة/ 3| ونصها: (حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع الا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لاثم فان الله غفور رحيم3).
[2260]:|12/ يوسف/ 111| (ولقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب...)
[2261]:|16/ النحل/ 89| (ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك على هؤلاء...).
[2262]:|42/ الشورى/ 10|.
[2263]:|9/ التوبة/ 115| (... ان الله بكل شيء عليم 115).
[2264]:|6/ الانعام/ 119| ونصها: (وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم اله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم الا ما اضطررتم اليه وان كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم ان ربك هو أعلم بالمعتدين119).
[2265]:|4/ النساء/ 59| ونصها: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تاويلا59).
[2266]:أخرجه ابن ماجة في المقدمة، 1 –باب اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديث 5 (طبعتنا) ونصه: عن أبي الدرداء قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نذكر الفقر ونتخوفه، فقال: "آلفقر تخافون؟ والذي نفسي بيده! لتصبن عليكم الدنيا صبا حتى لا يزيغ قلب أحدكم ازاغة الاهية. وأيم الله! لقد تركتكم على مثل البيضاء، ليلها ونهارها سواء". قال أ و الدرداء: صدق، والله، رسول الله صلى الله عليه وسلم تركنا على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء. قال السدي: هذا الحديث مما انفرد به المصنف. وأخرجه في: 6 –باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، حديث 43 (طبعتنا) ونصه: عن العرباض بن سارية قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب. فقلنا: يا رسول الله! ان هذه لموعظة مودع، فلماذا تعهد الينا؟ قال: "لقد تركتكم على البيضاء، ليلها كنهارها: لا يزيغ عنها بعدي الا هالك. من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا. فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين. عضوا عليها بالنواجذ. وعليكم بالطاعة. وان عبدا حبشيا. فانما المؤمن كالجمل الأنف، حيثما قيد يقاد".
[2267]:|5/ المائدة/ 49| (... ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما انزل الله اليك فان تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وان كثيرا من الناس لفاسقون49).
[2268]:|5/ المائدة/ 42| ونصها: (سماعون للكذب أكالون للسحت فان جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وان تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وان حكمت فاحكم بينهم بالقسط ان الله يحب المقسطين42).
[2269]:|3/ آل عمران/ 110| (... ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون110).
[2270]:|2/ البقرة/ 143| (... وما جعلنا القبلة التي كنت عليها الا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وان كانت كبيرة الا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع ايمانكم ان الله بالناس لرؤوف رحيم143).
[2271]:أخرجه البخاري في: 23 –كتاب الجائز، 85 –باب ثناء الناس على الميت، حديث 723 ونصه: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مروا بجنازة. فأثنوا عليها خيرا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وجبت". ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها شرا. فقال: "وجبت". فقال عمر بن الخطاب: ما وجبت؟ قال: "هذا أثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة. ووهذا أثنيتم عليه شرا فوجبت له النار. أنتم شهداء الله في الأرض". وأخرجه مسلم في: 11 –كتاب الجنائز، حديث 60 (طبعتنا).
[2272]:|31/ لقمان/ 15| ونصها: (وان جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب الي ثم مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تهملون15).
[2273]:|9/ التوبة/ 100| (... واعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم100).
[2274]:أخرجه البخاري في: 56 –كتاب الجهاد، 109 –باب يقاتل من وراء الامام ويتقى به، حديث 1409. ومسلم في: 33 –كتاب الامارة، حديث 32 (طبعتنا).
[2275]:|3/ آل عمران/ 71|.
[2276]:أخرجه في الموطأ في: 32 –كتاب القراض، حديث 1 (طبعتنا) ونصه: عن زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال: خرج عبد الله وعبيد الله، ابنا عمر بن الخطاب، في جيش الى العراق. فلما قفلا مرا على أبي موسى الأشعري، وهو أمير البصرة. فرحب بهما وسهل. ثم قال: لو أقدر لكما على أمر أنفعكما به لفعلت. ثم قال: بلى، ههنا مال من مال الله. أريد أن أبعث به الى أمير المؤمنين. ويكون الربح لكما. فقالا: وددنا ذلك. ففعل. وكتب الى عمر بن الخطاب أن يأخذ منهما المال. فلما قدما باعا فأربحا. فلما دفعا ذلك الى عمر، قال: أكل الجيش أسفله مثل ما أسفلكما؟ قالا: لا. فقال عمر بن الخطاب: ابنا أمير المؤمنين. فأسلفكما. أديا المال وربحه. فأما عبد الله فسكت. وأما عبيد الله فقال: ما ينبغي لك، يا أمير المؤمنين! هذا. لو نقص هذا المال أو هلك لضمناه. فقال عمر: أدياه. فسكت عبد الله، وراجعه عبيد الله. فقال رجل من جلساء عمر: يا أمير المؤمنين، لو جعلته قراضا، فقال عمر: قد جعلته قراضا. فأخذ عمر رأس المال ونصف ربحه. وأخذ عبد الله وعبيد الله، ابنا عمر بن الخطاب، نصف ربح المال.
[2277]:|65/ الطلاق/ 4| ونصها: (واللائي يئسن من المحيض من نسائكم ان ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا4).
[2278]:أخرجه البخاري في: 65 –كتاب التفسير، 56 –سورة الطلاق، 2 –باب (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا)، وأولات الأحمال، حديث 2061 ونصه: عن أيوب عن محمد قال: كنت في حلقة فيها عبد الرحمان بن أبي ليلى. وكان أصحابه يعظمونه. فذكر آخر الأجلين. فحدثت بحديث سبيعة بنت الحارث، عن عبد الله بن عتبة. قال فضمن لي بعض أصحابه. قال محمد: ففطنت له. فقلت: اني اذا لجريء ان كذبت على عبد الله بن عتبة، وهو في ناحية الكوفة. فاستحيا وقال: لكن عمه له يقل ذاك. فلقيت أبا عطية مالك بن عمر. فسألته فذهب يحدثني حديث سبيعة. فقلت: هل سمعت عن عبد الله فيها شيئا؟ فقال: كنا عند عبد الله فقال: أتجعلون عليها التغليظ ولا تجعلون عليها الرخصة؟ لنزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى: (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن).
[2279]:أخرجها البخاري في: 65 –كتاب التفسير، 56 –سورة الطلاق، 2 (باب (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا)، وأولات الأحمال، حديث 2061. عن يحيى قال: أخبرني أبو سلمة قال: جاء رجل الى ابن عباس، وأبو هريرة جالس عنده. فقال: أفتني في امرأة ولدت بعد زوجها بأربعين ليلة. فقال ابن عباس: آخر الأجلين. قلن أنا: (وأولات الأحمال أجلهن ان يضعن حملهن) قال أبو هريرة: أنا مع ابن أخي (يعني: أبا سلمة) فأرسل ابن عباس غلامه كريبا الى أم سلمة يسألها. فقالت: قتل زوج سبيعة الأسلمية وهي حبلى. فوضعت بعد موته بأربعين ليلة. فخطبت. فأنكحها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان أبو السنابل فيمن خطبها.
[2280]:|66/ التحريم/ 1 و2| (... والله مولاكم وهو العليم الحكيم2).
[2281]:أخرجها مسلم في: 18 –كتاب الطلاق، حديث 36 (طبعتنا) وهذا نصها: عن فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة. وهو غائب. فأرسل اليها وكيله بشعير. فسخطته. فقال: والله! ما لك علينا من شيء. فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له. فقال: "ليس لك عليه نفقة". فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك. ثم قال: تلك امرأة يغشاها أصحابي. اعتدى عند ابن أم مكتوم، فانه رجل أعمى. تضعين ثيابك. فاذا حللت فآذنيني. قالت: فلما حللت ذكرت له، أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه. وأما معاوية فصعلوك لا مال له. انكحي أسامة بن زيد". فكرهته. ثم قال: "انكحي أسامة". فنكحته فجعل الله فيه خيرا، واغتبطت. وأخرجها بطرق أخرى في الأحاديث رقم 37 -51.
[2282]:أخرجه البخاري في: 3 –كتاب العلم، 39 –باب كتابة العلم، حديث 95 ونصه:عن أبي جحيفة قال: قلت لعلي: هل عندكم كتاب؟ قال: لا. الا كتاب الله، أو فهم أعطيه رجل مسلم، أو ما في هذه الصحيفة. قال قلت: فما في هذه الصحيفة؟ قال: العقل، وفكاك الأسير، ولا يقتل مسلم بكافر.
[2283]:أخرجه البخاري في: 7 –كتاب التيمم، 7 –باب اذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت أو خاف العطش، تيمم، حديث 233 ونصه: عن شقيق بن سلمة قال: كنت عند عبد الله وأبي موسى. فقال له أبو موسى: أرأيت، يا أبا عبد الرحمان، اذا أجنب فلم يجد ماء كيف يصنع؟ فقال عبد الله: لا يصلي حتى يجد الماء. فقال أبو موسى: فكيف تصنع بقول عمار، حين قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "كان يكفيك"؟ قال: ألم تر عمر لم يقنع بذلك؟ فقال أبو موسى: فدعنا من قول عمار. كيف تصنع بهذه الآية؟ فما درى عبد الله ما يقول. فقال: انا لو رخصنا لهم في هذا، لأوشك، اذا برد على أحدهم الماء، أن يدعه ويتيمم. (قال الأعمش): فقلت لشقيق: فانما كره عبد الله لهذا؟ قال: نعم.
[2284]:|65/ الطلاق/ 1| ونصها: (يا أيها النبي اذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن الا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لهل الله يحدث بعد ذلك أمرا1).
[2285]:|2/ البقرة/ 196| ونصها: (وأتموا الحج والعمرة لله فان أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك فاذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة الى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة اذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب169).
[2286]:|4/ النساء/ 43| ونصها: (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا الا عابري سبيل حتى تغتسلوا وان كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم ان الله كان عفوا غفورا43). و|5/ المائدة/ 6| ونصها: (يا أيها الذين آمنوا اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم الى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم الى الكعبين وان كنتم جنبا فاطهروا وان كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط او لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون6).
[2287]:|7/ الأعراف/ 27| ونصها: (يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما انه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم انا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون27).
[2288]:|72/ الجن/ 3| (... ما اتخذ صاحبة ولا ولدا3).
[2289]:أخرجه الترمذي في: 46 –كتاب المناقب، 16 –في مناقب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، كليهما. ونصه: عن حذيفة رضي الله عنه قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "اني لا أدري ما بقائي فيكم، فاقتدوا باللذين من بعدي" وأشار الى أبي بكر وعمر.