غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلۡهُدَىٰ وَيَتَّبِعۡ غَيۡرَ سَبِيلِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ نُوَلِّهِۦ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصۡلِهِۦ جَهَنَّمَۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرًا} (115)

114

ثم قال : { ومن يشاقق الرسول } قال الزجاج : إنّ طعمة كان قد تبيّن له بما أظهر الله من أمره ما دلّه على صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم فعادى الرسول وأظهر الخلاف وارتد على عقبيه واتبع دين عبادة الأوثان وهو غير دين الموحدين وسبيلهم . ومعنى { نوله ما تولى } نجعله والياً لما اختاره لنفسه ونكله إلى ما توكل عليه . قال بعض الأئمة : هذا منسوخ بآية السيف ولا سيما في حق المرتد . والظاهر أن المراد به الطبع والخذلان { ونصله جهنم } نلزمه إياها { وساءت مصيراً } هي . وانتصب { مصيراً } على التمييز من الضمير المبهم في ساءت لأنه يعود إلى ما في الذهن لا إلى المذكور . يحكى أنّ الشافعي سئل عن آية في كتاب الله دالّة على أن الإجماع حجة ، فقرأ القرآن ثلاثمائة مرة حتى وقف على هذه الآية . ووجه الاستدلال أن إتباع غير سبيل المؤمنين حرام لأنه تعالى جمع بين إتباع غير سبيلهم وبين مشاقة الرسول ورتب الوعيد عليهما ، وإتباع غير سبيل المؤمنين يلزمه عدم إتباع سبيل المؤمنين لاستحالة الجمع بين الضدين أو النقيضين . فعدم إتباع سبيل المؤمنين حرام فإتباع سبيلهم واجب كموالاة الرسول . وفي الآية دلالة على وجوب عصمة النبي صلى الله عليه وسلم وعلى وجوب الاقتداء بأقواله وأفعاله وإلاّ وجب المشاقة في بعض من الأمور وهي منهي عنها في الكل . قيل : في الآية دلالة على أنه لا يمكن تصحيح الدين إلاّ بالنظر والاستدلال لأنّ الهدى اسم للدليل لا للعلم إذ لا معنى لتبيين العلم لكنه رتب الوعيد على المخالفة بعد تبيين الدليل فيكون تبيين الدليل معتبراً في صحة الدين . وأقول : الموقوف على النظر هو معرفة وجود الواجب لذاته وصحة نبوّة النبي صلى الله عليه وسلم والباقي يكفي في اعتقاده إخبار الصادق على أن إخبار الصادق أيضاً دليل فلا حكم إلاّ عن دليل .

/خ126