بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{ذَٰلِكَ ٱلَّذِي يُبَشِّرُ ٱللَّهُ عِبَادَهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِۗ قُل لَّآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ أَجۡرًا إِلَّا ٱلۡمَوَدَّةَ فِي ٱلۡقُرۡبَىٰۗ وَمَن يَقۡتَرِفۡ حَسَنَةٗ نَّزِدۡ لَهُۥ فِيهَا حُسۡنًاۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ شَكُورٌ} (23)

قوله تعالى : { ذَلِكَ الذي يُبَشّرُ الله } يعني : ذلك الثواب الذي يبشر الله { عِبَادِهِ } في الدنيا قرأ حمزة ، والكسائي ، وابن كثير ، وأبو عمرو { يَبشُر } بنصب الياء ، وجزم الباء ، وضم الشين مع التخفيف . والباقون بالتشديد وقد ذكرناه { والذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات } يعني : يبشرهم بتلك الجنة ، وبذلك الثواب ثم قال : { قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً } يعني : قل يا محمد لأهل مكة ، { لا أسألكم عليه أجراً } ، أي على ما جئتكم به أجراً { إِلاَّ المودة في القربى } قال مقاتل : يعني : إلا أن تصلوا قرابتي ، وتكفوا عني الأذى .

ثم نسخ بقوله : { قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مّن أَجْر لَكُمْ } ويقال : { إِلاَّ المودة في القربى } يعني : إلاَّ ، ألاَّ تؤذونني بقرابتي منكم . قال ابن عباس : ليس حي من أحياء العرب إلا وللنبي عليه السلام فيه قرابة . وقال الحسن : إلا المودة في القربى ، يعني : إلا أن تتوددوا إلى الله تعالى ، بما يقربكم منه ، وهكذا قال مجاهد ، وقال سعيد بن جبير : إلا المودة في القربى ، يعني : إلا أن تصلوا قرابة ما بيني وبينكم .

ثم قال : { وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً } يعني : يكتسب حسنة ، { نَزِدْ فِيهَا حُسْناً } يعني : للواحد عشرة . ويقال : نزد له التوفيق في الدنيا ، ونضاعف له الثواب في الآخرة . { إِنَّ الله غَفُورٌ شَكُورٌ } يعني : غفور لمن تاب ، شكور يقبل اليسير ، ويعطي الجزيل .