بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{فَاطِرُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ جَعَلَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا وَمِنَ ٱلۡأَنۡعَٰمِ أَزۡوَٰجٗا يَذۡرَؤُكُمۡ فِيهِۚ لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ} (11)

{ فَاطِرَ السماوات والأرض } يعني : هو خالق السماوات والأرض ، { جَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا } يعني : أصنافاً ذكراً ، وأنثى ، { وَمِنَ الأنعام أزواجا } يعني : أصنافاً ، ذكراً ، وأنثى . وقال القتبي : { جَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا } يعني : من جنسكم إناثاً ، { وَمِنَ الأنعام أزواجا } يعني : إناثاً ، { يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ } يعني : يخلقكم فيه . أي : من الرحم . وقال الكلبي : { يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ } يعني : يكثرهم في التزويج . وقال مقاتل : يعيشكم فيما جعل لكم من الذكور والإناث من الأنعام .

ثم قال : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شيء } في القدرة . وقال أهل اللغة : هذا الكاف مؤكدة . أي : ليس مثله شيء . ويقال : المثل صلة في الكلام . يعني : ليس هو كشيء ، { وَهُوَ السميع البصير } يعني : هو { السميع } لمقالتهم ، { البصير } بهم وبأعمالهم . ومعنى الآية { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شيء } لأنه الخالق ، العالم بكل شيء ، والقادر على ما يشاء ، { الله لاَ إله إِلاَّ هُوَ الحي القيوم لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض مَن ذَا الذي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السماوات والأرض وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ العلى العظيم } [ البقرة : 255 ] وهذه المعاني بعيدة من غيره .