بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{فَٱعۡلَمۡ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مُتَقَلَّبَكُمۡ وَمَثۡوَىٰكُمۡ} (19)

قوله عز وجل : { فاعلم أَنَّهُ لاَ إله إِلا الله } قال الزجاج : هذه الفاء جواب الجزاء . ومعناه قد بينا ما يدل على توحيد الله ، فاعلم أنه لا إله إلا الله ، والنبي صلى الله عليه وسلم قد علم أن الله تعالى واحد . إنما خاطبه والمراد به أمته . وقال : هذا الأمر للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة . ومعناه . فاثبت على إظهار قول لا إله إلا الله . يعني : ادع الناس إلى ذلك . ويقال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «لَيْتَنِي أَعْلَمُ أَيُّ الكَلامِ أَفْضَلُ وَأَيُّ الدُّعَاءِ أَفْضَلُ . فَأَعْلَمَهُ الله تَعَالَى ، أنَّ أَفْضَلَ الكَلاَمِ التَّوْحِيدُ ، وَأَفْضَلَ الدُّعَاءِ الاسْتِغْفارُ » .

ثم قال : { واستغفر لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ والمؤمنات } روى الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إنِّي لأَسْتَغْفِرُ الله ، وَأَتُوبُ إلَيْهِ ، فِي كُلِّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ » . وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «إنِّي أَسْتَغْفِرُ الله تَعَالَى ، وَأَتُوبُ إلَيْهِ ، فِي كُلِّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ » . وروى عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ابن جريج قال : قيل لعطاء : استغفر للمؤمنين في المكتوبة ؟ قال : نعم . قلت : فمن ابتدئ ؟ قال : فبنفسك ، كما قال الله تعالى : { واستغفر لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ والمؤمنات } .

{ والله يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ } يعني : منتشركم بالنهار ، ومأواكم بالليل . ويقال : ذهابكم ، ومجيئكم .