فأوحى الله تعالى إلى عيسى بقوله : { قَالَ الله إِنّي مُنَزّلُهَا عَلَيْكُمْ }
ما سألتم من المائدة { فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ } يعني : بعد نزول المائدة { مّنكُمْ } ويكفر بعيسى بعد أكله من المائدة { فَإِنّي أُعَذّبُهُ عَذَاباً لاَّ أُعَذّبُهُ أَحَداً مّنَ العالمين } يعني : أحداً من الخلق . وقال بعضهم : هذه كلمة تهديد ولم ينزل عليهم المائدة .
وروي في بعض التفاسير أنهم قالوا لعيسى : رضينا بما في هذه الآية . فقال عيسى لشمعون وكان أكبر الحواريين : هل معك شيء من الزاد ؟ قال : نعم . فجاءه بخمسة أرغفة ، وسمكتين صغيرتين ، فقطعهما قطعاً صغاراً ثم قال : اجلسوا رفقاء . فقعدوا عشرة عشرة . فألقى عيسى عليه السلام بين كل رفقة قدر ما يحمله بإصبعيه ، فجعل الطعام يزيد حتى جاوز ركبتهم فشبعوا . وفضل خمسة . ثم عاد من الغد ففعل مثل ما فعل بالأمس .
وروي أن الرغيف والسمكتين نزلت من السماء وهم ينظرون إليها . وقيل : كانت مائدة من در وقيل : من بلور وقفت في الهواء . فاجتمعوا يأكلون منها . وروي أن المائدة كان عليها الفواكه ، وكل شيء إلا الخبز واللحم . وروي أن الجميع كانوا خمسة آلاف ونيفاً وروي اثني عشر ألفاً والله أعلم بالصواب .
وقال عامة المفسرين : إن المائدة قد أنزلت عليهم . وروي عن سلمان الفارسي أن عيسى عليه السلام قام ولبس جبة من شعر ، وقام ووضع يمينه على يساره ، وطأطأ رأسه خاشعاً لله تعالى ، وبكى حتى سالت الدموع على لحيته وصدره ، وهو يدعو ويتضرع ، فنزلت مائدة من السماء فوقها منديل والناس ينظرون إليه ، وعيسى عليه السلام ينظر ويبكي ويقول : اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عقوبة . حتى استقرت المائدة بين يدي عيسى والناس حوله . قال عيسى : بسم الله وكشف المنديل للناس ، فإذا فيه سمكة مشوية لا شوك فيها . والوَدَكُ يسيل منها ، والخل عند رأسها ، والملح عند ذنبها ، وعليها أربعة أرغفة وعليها ألوان البقول إلا الكراث . فقال : كلوا من رزق ربكم فأكل منها ألف رجل . ويقال : خمسة آلاف رجل . ورجعت المائدة كما كانت . وقال بعضهم : نزلت يوماً واحداً ولم تنزل أكثر من ذلك . وقال بعضهم : ثلاثة أيام ، وقال بعضهم : سبعة أيام . وقال بعضهم : أكثر من ذلك . فلما رجعوا عن ذلك الموضع شكوا فيه وكفروا ، فمسخهم الله خنازير .
وروي عن ابن عمر أنه قال : أشد الناس عذاباً يوم القيامة ثلاثة : المنافقون ، ومن كفر من أصحاب المائدة ، وآل فرعون .
وروي عن أبي عبد الرحمن السُّلمي قال : نزلت المائدة خبزاً وسمكة . وعن عطية العوفي قال : كانت سمكة فيها طعم كل شيء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.