بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{فَطَوَّعَتۡ لَهُۥ نَفۡسُهُۥ قَتۡلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُۥ فَأَصۡبَحَ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (30)

قال الله تعالى : { فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ } يعني تابعت له نفسه على قتل أخيه ويقال : انقادت له طاعة نفسه . وقال : قتادة زينت له نفسه بقتل أخيه { فَقَتَلَهُ } قال بعضهم : إنه كان لا يدري كيف يقتله ، حتى جاء إبليس فتمثل عنده برجلين ، فأخذ أحدهما حجراً ولم يزل يضرب الآخر حتى قتله ، فتعلم ذلك منه وقال بعضهم : بل كان يعرف ذلك بطبعه ، لأن الإنسان وإن لم ير القتل فإنه يعلم بطبعه أن النفس فانية ، ويمكن إتلافها فأخذ حجراً وقتله بأرض الهند ، فلما رجع إلى آدم قال له : ما فعلت بهابيل ؟ فقال له قابيل : أجعلتني رقيباً على هابيل ؟ فذهب حيث يشاء فبات آدم تلك الليلة محزوناً ، فلما أصبح قابيل رجع إلى الموضع الذي قتله ، فرأى غراباً وقال بعضهم : كان يحمله على عاتقه أياماً لا يدري ما يصنع به حتى رأى غراباً ميتاً ، فجاء غراب آخر وبحث التراب برجليه ودفن الغراب الميت في التراب ، فذلك قوله تعالى { فقتله فَأَصْبَحَ مِنَ الخاسرين } يعني فصار من المغبونين في العقوبة .