بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{۞وَٱتۡلُ عَلَيۡهِمۡ نَبَأَ ٱبۡنَيۡ ءَادَمَ بِٱلۡحَقِّ إِذۡ قَرَّبَا قُرۡبَانٗا فَتُقُبِّلَ مِنۡ أَحَدِهِمَا وَلَمۡ يُتَقَبَّلۡ مِنَ ٱلۡأٓخَرِ قَالَ لَأَقۡتُلَنَّكَۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلۡمُتَّقِينَ} (27)

قوله تعالى :

{ وَاتْلُ عَلَيْهِم } يعني اقرأ على قومك { نَبَأَ ابني آدم بالحق } يعني خبر { واتل عَلَيْهِمْ نَبَأَ } يعني بالصدق { إِذْ قَرَّبَا قربانا } وذلك أن حواء عليها السلام ولدت غلاماً وجارية في بطن واحد ، قابيل وأخته إقليما ، ثم ولدت في بطن آخر هابيل وأخته ليوذا ، فلما كبروا أمر الله تعالى بأن يزوج كل واحد منهما أخت صاحبه ، وكانت أخت قابيل أحسن ، فأبى قابيل وقال : بل زوج كل واحد منا أخته ، فقال آدم : إن الله تعالى أمرني بذلك . فقال له قابيل : إن الله تعالى لم يأمرك بهذا ، ولكنك تميل إلى هابيل . فأمرهما بأن قربا قرباناً ، فأيكما تقبل قربانه كان أحق بها ، فعمد قابيل وكان صاحب زرع إلى شر زرعه ووضعه عند الجبل ، وعمد قابيل وكان صاحب مواشي إلى خير غنمه فوضعها عند الجبل ، وكان قابيل يضمر في قلبه أنه إن تقبل منه أو لم يتقبل لا يسلم إليه أخته ، فنزلت نار من السماء فأكلت قربان هابيل ، وكان ذلك علامة القبول ، وتركت قربان قابيل فذلك قوله : { إِذْ قَرَّبَا قربانا } يعني وضعا قرباناً . { فَتُقُبّلَ مِن أَحَدِهِمَا } يعني هابيل { وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخر } يعني قابيل ف { قَالَ } قابيل لهابيل { لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ } ولم ؟ قال : لأن الله قد قبل قربانك ورد عليّ قرباني . فقال له هابيل : { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ الله مِنَ المتقين } ولم يكن الذنب مني ، وإنما لم يتقبل منك لخيانتك وسوء نيتك . وقال بعض الحكماء : العاقل من يخاف على حسناته ، لأن الله تعالى قال : { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ الله مِنَ المتقين } والخاسر من يأمن من عذاب الله لأن الله تعالى قال : { أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ الله فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ الله إِلاَّ القوم الخاسرون } [ الأعراف : 99 ] .