{ فطوّعت له نفسه قتل أخيه } وسعته ورخصته وسهلت من طاع له المرتع وأطاع إذا اتسع وله لأجل زيادة الربط كقول القائل : حفظت لزيد ماله . ومنهم من قال : شجعته فقتله . والتحقيق أن الإنسان يعلم أن القتل العمد العدوان من أعظم الذنوب فهذا الاعتقاد يكون صارفاً له عن فعله فلا يطاوع النفس الأمارة حتى إذا كثرت وساوسها انقاد لها وخضع . وإضافة التطويع والتمرين إلى النفس لا ينافي كون الكل مضافاً إلى قضاء الله فتنبه . يحكى أنّ قابيل لم يدر كيف يقتل هابيل فظهر له إبليس وأخذ طيراً وضرب رأسه بحجر فتعلّم قابيل ذلك منه .
ثم إنه وجد هابيل يوماً نائماً فضرب رأسه بصخرة فمات . وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا تقتل نفس ظلماً إلاّ كان على ابن آدم الأوّل كفل من دمها " ولذلك أنه أوّل من سن القتل { فأصبح من الخاسرين } دنياه وآخرته لأنه أسخط والديه وبقي مذموماً إلى يوم القيامة ثم يلقى في النار خالداً . قيل : لما قتل أخاه هرب من أرض اليمن إلى عدن فأتاه إبليس وقال له : إنما أكلت النار قربان هابيل لأنه كان يخدم النار ويعبدها . فبنى بيت نار وهو أوّل من عبد النار . وروي أن هابيل قتل وهو ابن عشرين سنة ، وكان قتله عند عقبة حراء . وقيل : بالبصرة في موضع المسجد الأعظم . وروي أنه لما قتله اسودّ جسده وكان أبيض فسأله آدم عن أخيه فقال : ما كنت عليه وكيلاً . فقال : بل قتلته ولذلك اسودّ جسدك . ومكث آدم بعده مائة سنة لم يضحك وإنه رثاه بشعر هو هذا :
تغيرت البلاد ومن عليها *** فوجه الأرض مغبر قبيح
تغير كل ذي طعم ولون *** وقل بشاشة الوجه المليح
قال في الكشاف : إنه كذب بحت وقد صح أن الأنبياء معصومون عن الشعر وصدّقه في التفسير الكبير وقال : إنّ ذلك من غاية الركاكة بحيث لا يليق بالآحاد فضلاً من الأفراد وخصوصاً من علمه حجة على الملائكة . وأقول : أما أن جميع الأنبياء معصومون عن الشعر فلعل دعوى العموم لا تمكن فيه وكأنه من خصائص نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولهذا أثنى الله تعالى عليه بقوله :{ وما علمناه الشعر وما ينبغي له }[ يس :69 ] وأما أنه من الركاكة بالحيثية المذكورة فمكابرة مع أن مقام البث والشكوى لا يحتمل الشعر المصنوع والله أعلم بحقيقة الحال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.