بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{إِنَّآ أَنزَلۡنَا ٱلتَّوۡرَىٰةَ فِيهَا هُدٗى وَنُورٞۚ يَحۡكُمُ بِهَا ٱلنَّبِيُّونَ ٱلَّذِينَ أَسۡلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلرَّبَّـٰنِيُّونَ وَٱلۡأَحۡبَارُ بِمَا ٱسۡتُحۡفِظُواْ مِن كِتَٰبِ ٱللَّهِ وَكَانُواْ عَلَيۡهِ شُهَدَآءَۚ فَلَا تَخۡشَوُاْ ٱلنَّاسَ وَٱخۡشَوۡنِ وَلَا تَشۡتَرُواْ بِـَٔايَٰتِي ثَمَنٗا قَلِيلٗاۚ وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (44)

ثم قال : { إِنَّا أَنزَلْنَا التوراة فِيهَا هُدًى } من الضلالة ، { وَنُورٌ } يعني : بيان الشرائع والأحكام . يعني : حكم الرجم والجراحات ، { يَحْكُمُ بِهَا النبيون الذين أَسْلَمُواْ } يعني : يقضي بها النبيون الذين أسلموا ، يعني : صدقوا بالتوراة من لدن موسى إلى عيسى ، وبينهما ألف نبي . ويقال : أربعة آلاف نبي . ويقال : أكثر من ذلك ، كانوا يحكمون بما في التوراة . { لِلَّذِينَ هَادُواْ } يعني : كانوا يحكمون لهم وعليهم . ويقال : يحكم بها الأنبياء من لدن موسى إلى محمد صلى الله عليه وسلم ؛ ولهذا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرجم بحكم التوراة .

ثم قال تعالى : { والربانيون والأحبار } قال بعضهم : { الربانيون } العلماء { والأحبار } القراء ، ويقال : { الربانيون } الذين في العمل أكثر ، وفي العلم أقل ، { والأحبار } الذين في العلم أكثر وفي العمل أقل ، مثل الفقهاء والعباد . ويقال : كالفقهاء والعلماء

وقال القتبي : كلاهما واحد وهما العلماء ، { بِمَا استحفظوا مِن كتاب الله } يعني : عُلِّموا واستُودعوا من كتاب الله التوراة ، { وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء } بما في كتاب الله الرجم ، وسائر الأحكام .

ثم قال : { فَلاَ تَخْشَوُاْ الناس } يعني : يهود أهل المدينة ، لا تخشوا يهود أهل خيبر ، وأخبروهم بآية الرجم ، { واخشون } في كتمانه ، { وَلاَ تَشْتَرُواْ بآياتي ثَمَنًا قَلِيلاً } يعني : عرضاً يسيراً .

ثم قال : { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ الله } يعني : إذا لم يقر ، ولم يبيّن ، { فَأُوْلَئِكَ هُمُ الكافرون } قال ابن عباس : من يجحد شيئاً من حدود الله فقد كفر ، ومن أقر ولم يحكم بها فهو فاسق . روى وكيع عن سفيان قال : قيل لحذيفة : { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ الله فَأُوْلَئِكَ هُمُ الكافرون } ، نزلت في بني إسرائيل : فقال حذيفة : نعم الأخوة لكم ، وبنو إسرائيل كانت لكم كل حلوة ، ولهم مرة . لتسلكن طريقهم قدر الشراك . يعني : هذه الآية عامة فمن جحد حكم الله فهو من الكافرين .