بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّۖ وَيَوۡمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُۚ قَوۡلُهُ ٱلۡحَقُّۚ وَلَهُ ٱلۡمُلۡكُ يَوۡمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِۚ عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِۚ وَهُوَ ٱلۡحَكِيمُ ٱلۡخَبِيرُ} (73)

ثم خوّفهم فقال : { وَهُوَ الذي خَلَق السماوات والأرض بالحق } يعني : للحق والعبرة { وَيَوْمَ يَقُولُ } اليوم صار نصباً ، لأن معناه : واتقوا يوماً لا تجزي نفس عن نفس شيئاً . ويقال : معناه واذكروا يوم يقول : { كُنْ فَيَكُونُ } يعني : يوم البعث يقول : انتشروا فانتشروا كلهم كقوله تعالى : { يَخْرُجُونَ مِنَ الأجداث } يعني : القبور { خُشَّعاً أبصارهم يَخْرُجُونَ مِنَ الأجداث كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ } [ القمر : 7 ] .

ثم قال { قَوْلُهُ الحق } { قَوْلُهُ } رفع بالابتداء ، وخبره { الحق } يعني : قوله الصدق أنه كائن . قرأ ابن عامر { فَيَكُونُ } بالنصب على معنى الخير ، وكذا في كل القرآن ، إلا في موضعين : هاهنا ، وفي آل عمران . وقرأ الباقون : بالرفع على معنى الخبر .

{ وَلَهُ الملك يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصور } يوم صار نصباً لنزع الخافض . ومعناه : وله الملك في يوم ينفخ في الصور وهذا كقوله عز وجل : { يَوْمَ هُم بارزون لاَ يخفى عَلَى الله مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الملك اليوم لِلَّهِ الواحد القهار } [ غافر : 16 ] وكقوله : { مالك يَوْمِ الدين } [ الفاتحة : 4 ] ويقال : هذا مبين لقوله الأول ، ومعناه : يوم يقول له { كُنْ فَيَكُونُ } . { يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصور } وروي عن أبي عبيدة أنه قال : معناه : يوم يَنْفُخ الأرواح في الصور . يعني : في الأجسام . وهذا خلاف أقاويل جميع المفسرين لأنهم كلهم قالوا : هو نفخ إسرافيل في الصور . وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « كَيْفَ أَنْعَمُ وَصَاحِبُ الصُّورِ قَدِ الْتَقَمَهُ » وفي خبر آخر « وَصَاحِبُ الصُّوَرِ قَدِ الْتَقَمَهُ يَنْتَظِرُ مَتَى يُؤْمَرُ فَيَنْفُخَ فِيهِ »

ثم قال : { عالم الغيب والشهادة } { الغيب } ما غاب عن العباد { والشهادة } ما علم العباد به ، ويقال السر والعلانية . ويقال { عالم } بما يكون وبما قد كان . ويقال : { عالم } بأمر الآخرة وبأمر الدنيا { وَهُوَ الحكيم الخبير } يعني : { الحكيم } في أمره { الخبير } بأفعال الخلق وبأمر البعث .