بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَذَرِ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمۡ لَعِبٗا وَلَهۡوٗا وَغَرَّتۡهُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَاۚ وَذَكِّرۡ بِهِۦٓ أَن تُبۡسَلَ نَفۡسُۢ بِمَا كَسَبَتۡ لَيۡسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّٞ وَلَا شَفِيعٞ وَإِن تَعۡدِلۡ كُلَّ عَدۡلٖ لَّا يُؤۡخَذۡ مِنۡهَآۗ أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ أُبۡسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْۖ لَهُمۡ شَرَابٞ مِّنۡ حَمِيمٖ وَعَذَابٌ أَلِيمُۢ بِمَا كَانُواْ يَكۡفُرُونَ} (70)

قوله تعالى : { وَذَرِ الَّذِينَ اتخذوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً } قال الضحاك : يعني : كفار قريش نصبوا أصنامهم في المسجد الحرام إلى أنصاب الحرم ، وقرطوها بالمقراط ، وعلقوا بيض النعامة في أعناقها . فنزل { وَذَرِ الَّذِينَ اتخذوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً } وقال الكلبي : إن الله تعالى جعل لكل قوم عيداً يعظمونه ، ويصلون فيه لله تعالى ، وكل قوم اتخذوا دينهم يعني : عيدهم لعباً ولهواً إلا هذه الأمة ، فإنهم اتخذوا عيدهم صلاة لله ، وحصناً للصدقة ، وهي الجمعة والفطر والأضحى . قال مقاتل : اتخذوا دينهم الإسلام لعباً يعني : باطلاً ولهواً عنه .

ثم قال : { وَغَرَّتْهُمُ الحياة الدنيا وَذَكّرْ بِهِ } يعني : عِظْ وَخَوِّفْ بالقرآن { أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ } يعني : لكي لا تهلك نفس { بِمَا كَسَبَتْ } يعني : بما عملت ويقال : تحبس نفس يعني تسلم نفس بذنوبها إلى النار وهذا قول الضحاك . وقال الأخفش : أن ترهن نفس بما عملت . ويقال : تحبس . وقال القتبي : أي تسلم للهلكة . ويقال : تخذل ولا تنصر .

ثم قال : { لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ الله وَلِيٌّ } يعني : إذا وقع في العذاب ، لم يكن لها مانع يمنعها من العذاب { وَلاَ شَفِيعٍ } يشفع لها { وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَا } يقول : لو جاءت بعدل نفسها رجلاً مكانها أو يفتدي بما في الأرض جميعاً { لا يؤخذ منها } يعني : لا يقبل منها { أُوْلَئِكَ الذين أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ } يعني : أهلكوا . ويقال : أسلموا بذنوبهم إلى النار { لَهُمْ شَرَابٌ مّنْ حَمِيمٍ } يعني : ماء حار قد انتهى حره { وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ } في الدنيا .