ثم بين سبحانه إنهم كاذبون في استعجال الشر ولو أصابهم ما طلبوه لأظهروا العجز والجزع فقال { وإذا مس الإنسان الضر } أي هذا الجنس الصادق على كل ما يحصل التضرر به كالمرض والفقر ، { دعانا لجنبه } اللام للوقت أو بمعنى على أي دعانا مضطجعا { أو قاعدا أو قائما } كأنه قال دعانا جميع الأحوال المذكورة وغيرها ، وخص المذكورة بالذكر لأنها الغالب على الإنسان ولا يخلو عنها عادة وما عداها نادر كالركوع والسجود .
ويجوز أن يراد أنه يدعو الله حال كونه مضطجعا غير قادر على القعود ، وقاعدا غير قادر على القيام وقائما غير قادر على المشي والأول أولى ، قال الزجاج : إن تعديد أحوال الدعاء أبلغ من تعديد أحوال المضرة لأنه إذا كان داعيا على الدوام ثم نسي في وقت الرخاء كان أعجب .
وعن أبي الدرداء قال : ادع الله يوم سرائك يستجاب لك يوم ضرائك .
وأقول أنا أكثر من شكر الله على السراء ليدفع عني الضراء فإن وعده للشاكرين بزيادة النعم مؤذن بدفعه عنهم النقم لذهاب حلاوة النعمة عند وجود مرارة النقمة ، اللهم اجمع لنا بين جلب النعم وسلب النقم فإنا نشكرك عدد ما شكرك الشاكرون ونحمدك عدد ما حمدك الحامدون بكل لسان في كل زمان ومكان .
{ فلما كشفنا عنه ضره كأن لم يدعنا على ضر مسه } أي مضى على طريقته التي كان عليها قبل أن يمسه الضر . ونسي حالة الجهد والبلاء والضيق والفقر ، وأهمل جانب الله أو مضى عن موقف الدعاء والتضرع لا يرجع إليه كأنه لا عهد له به كأنه لم يدعنا عند أن مسه الضر على كشف ذلك الضر الذي مسه .
وقيل معنى مر ، استمر على كفره مشبها بمن لم يدعنا ولم يشكر ولم يتعظ ، وهذه الحالة التي ذكرها الله سبحانه للداعي لا تختص بأهل الكفر بل تتفق لكثير من المسلمين تلين ألسنتهم بالدعاء وقلوبهم بالخشوع والتذلل عند نزول ما يكرهون بهم ، فإذا كشفه الله عنهم غفلوا عن التضرع والدعاء وذهلوا عما يجب عليهم من شكر النعمة التي أنعم الله بها عليهم من إجابة دعائهم ورفع ما نزل بهم من الضر ودفع ما أصابهم من المكروه .
وهذا ما يدل على أن الآية تعم المسلم والكافر كما يشعر لفظ الناس ، ولفظ الإنسان . اللهم أوزعنا شكر نعمك وأذكرنا الأحوال التي مننت علينا فيها ، بإجابة الدعاء حتى نستكثر من الشكر الذي لا نطيق سواه ولا نقدر على غيره ، وما أغناك عنه وأحوجنا إليه ولئن شكرتم لأزيدنكم .
{ كذلك } أي مثل ذلك التزيين العجيب أي كما زين له الدعاء عند الضرر والإعراض عند الرخاء { زين للمسرفين ما كانوا يعملون } أي عملهم ، والمسرف في اللغة هو الذي ينفق المال الكثير لأجل الغرض الخسيس والتزيين هو إما من جهة الله تعالى على طريق التخلية وعدم اللطف بهم أو من طريق الشيطان بالوسوسة أو من طريق النفس الأمارة بالسوء ، والمعنى إنه زين لهم الإعراض عن الدعاء والغفلة عن الشكر والاشتغال بالشهوات .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.