فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٖ وَتَغۡشَىٰ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ} (50)

{ سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ ( 50 ) }

{ سَرَابِيلُهُم } هي القمص ، قاله السدي . وعن ابن زيد مثله واحدها سربال يقال سربلته أي ألبسته السربال { مِّن قَطِرَانٍ } هو قطران الإبل الذي تهنأ به قاله الحسن ، أي قمصناهم من قطران تطلى به جلودهم حتى يعود ذلك الطلاء كالسرابيل ، وخص القطران لسرعة اشتعال النار فيه ولذعه مع نتن رائحته ووحشة لونه ، وقال جماعة هو النحاس المذاب ، وبه قال عمر وابن عباس .

قال عكرمة : هذا القطران يطلى به حتى يشتعل نارا ، وقال سعيد بن جبير : القطر الصفر ، والآن الحار وعن عكرمة نحوه ، والقطران فيه لغات بفتح القاف وكسر الطاء وهي قراءة العامة وبزنة سكران وبنزنة سرحان وهو ما يستخرج من شجر فيطبخ ويطلى به الإبل ليذهب جربها لحدته .

وقيل هو دهن ينحلب من شجر الابهل والعرعر والتوت كالزفت تدهن به الإبل إذا جربت وهو الهناء ، ولو أراد الله المبالغة في إحراقهم بغير ذلك لقدر ولكنه حذرهم بما يعرفون .

وأخرج مسلم وغيره عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب ) {[1023]} .

{ وَتَغْشَى } أي تعلو { وُجُوهَهُمْ النَّارُ } وتضربها وتخللها وقلوبهم أيضا ، وخص الوجوه لأنها أشرف ما في البدن وفيها الحواس المدركة .


[1023]:مسلم، 934.