فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{هَٰذَا بَلَٰغٞ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِۦ وَلِيَعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَا هُوَ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (52)

{ هَذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ ( 52 ) } .

{ هَذَا بَلاَغٌ } أي هذا الذي أنزل إليك تبليغ وكفاية في الموعظة والتذكير ومبلغ وموصل للناس إلى مراتب السعادة ، قيل إن الإشارة إلى ما ذكره سبحانه من قوله : { ولا تحسبن الله غافلا ، إلى سريع الحساب } أي هذا فيه كفاية من غير ما انطوت عليه السورة ، وقيل الإشارة إلى جميع السورة ، وقيل إلى القرآن وبه قال ابن زيد ، وفيه من المحسنات رد العجز على الصدر فقد افتتحت هذه السورة بقوله : { كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور } .

{ لِّلنَّاسِ } أي للكفار أو لجميع الناس على ما قيل في قوله وأنذر الناس ، أي أنزل لتبليغهم إلى ما فيه رشدهم ونفعهم أي لإيصالهم إلى الخير { وَلِيُنذَرُواْ بِهِ } أي بالقرآن ، قاله ابن زيد ، وقرئ بفتح التحتية والذال المعجمة ، يقال نذرت بالشيء أنذر إذا علمت به واستعددت له .

{ وَلِيَعْلَمُواْ } بالأدلة التكوينية المذكورة سابقا أو بالقرآن بما فيه من الحج { أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ } لا شريك له { وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُو الأَلْبَابِ } أي وليتعظ أصحاب العقول السليمة والأفهام الصحيحة .

وهذه اللامات متعلقة بمحذوف ، والتقدير وكذلك أنزلنا أو متعلقة بالبلاغ المذكور أي كفاية لهم في أن ينصحوا وينذروا ويعلموا بما أقام الله من الحج والبراهين وحدانيته سبحانه ، وأنه لا شريك له ، وليتعظ بذلك أرباب العقول التي تعقل وتدرك .

---------------------