{ بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ( 44 ) }
وإذا تقرر أن المقلد إذا سأل أهل الذكر عن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن مقلدا علمت أن هذه الآية الشريفة على تسليم أن السؤال ليس عن الشيء الخاص الذي يدل عليه السياق ، بل عن كل شيء من الشريعة كما يزعمه المقلد تدفع في وجهه وترغم أنفه وتكسر ظهره ، فإن معنى هذا السؤال الذي شرعه الله تعالى هو السؤال عن الحجة الشرعية وطلبها من العالم فيكون هو راويا وهذا السائل مسترويا ، والمقلد يقر على نفسه بأنه يقبل قول العالم ولا يطالبه بالحجة ، فالآية هي دليل الاتباع لا دليل التقليد .
وبهذا ظهر لك أن هذه الحجة التي احتج بها المقلد هي حجة داحضة على فرض أن المراد المعنى الخاص وهي عليه لا له على فرض أن المراد المعنى العام .
{ بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ } فيه ستة أوجه :
أحدها : ما تقديره أي رجالا متلبسين بالبينات وهو وجه حسن . ذكره الزمخشري ولا محذور فيه .
الثاني : ما أرسلناهم بهما ذكره الحوفي والزمخشري وغيرهما وبه بدأ في الكشاف .
الثالث : تقديره ما أرسلنا بهما إلا رجالا حكاه ابن عطية .
الرابع : أنه متعلق بنوحي كما تقول أوحي إليه بحق . ذكره الزمخشري وأبو البقاء .
الخامس : أنه منصوب بتقدير أعني والباء زائدة .
السادس : أنه متعلق بمحذوف كأنه قيل بم أرسلوا ، فقيل أرسلوا بهما ، كذا قدره الزمخشري .
قال السمين : وهو أحسن من تقدير أبي البقاء يعني لموافقته للدال عليه لفظا ومعنى ، والبينات الحجج الواضحة والبراهين الساطعة ، والزبر الكتب والصحف وقد تقدم الكلام على هذا في آل عمران .
{ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ } يا محمد صلى الله عليه وآله وسلم { الذِّكْرَ } أي القرآن ، وسماه ذكرا لأن فيه مواعظ وتنبيها للغافلين ، ثم بين الغاية المطلوبة من الإنزال فقال : { لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ } جميعا { مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ } في هذا الذكر من الأحكام الشرعية والوعد وبيان الكتاب يطلب من السنة والمبين لذلك المجمل هو الرسول صلى الله عليه وآله وسلم .
ولهذا قيل متى وقع تعارض بين القرآن والحديث وجب تقديم الحديث لأن القرآن مجمل والحديث مبين بدلالة هذه الآية ، والمبين مقدم على المجمل ، وقيل المحكم مبين والمتشابه مجمل بطلب بيانه من السنة ، فهذه الآية محمولة على ما أجمل فيه دون المحكم المبين المفسر { وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } أي إرادة أن يتأملوا ويعملوا أفكارهم فيتعظوا ويعملوا به .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.