فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لَاهِيَةٗ قُلُوبُهُمۡۗ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجۡوَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلۡ هَٰذَآ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡۖ أَفَتَأۡتُونَ ٱلسِّحۡرَ وَأَنتُمۡ تُبۡصِرُونَ} (3)

{ لاهية قلوبهم } حال أيضا وهما حالان مترادفان أو متداخلان قاله الزمخشري والمعنى ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث في حال من الأحوال إلا في حال الاستماع مع اللعب والاستهزاء ولهوة القلب .

{ وأسروا النجوى الذين ظلموا } { كلام مستأنف مسوق لبيان جناية خاصة إثر حكاية جناياتهم المعتادة ، والنجوى اسم من التناجي وهو لا يكون إلا سرا ، فمعناه المبالغة في الإخفاء بحيث لم يفهم أحد تناجيهم ومسارتهم تفصيلا ولا إجمالا وإنما قالوا ذلك سرا لأنهم كانوا في مبادي الشر والعناد وتمهيد مقدمات الكيد والفساد ، وقد اختلف في محل الموصول على أقوال : قال أبو عبيدة : أسروا هنا من الأضداد أي بمعنى أخفوا كلامهم ؛ أو بمعنى أظهروه وأعلنوه .

{ هل هذا } بدل من النجوى مفسر لها أو مفعول لمضمر وهل بمعنى النفي أي قالوا ما هذا الرسول { إلا بشر مثلكم } لا يتميز عنكم بشيء وما يأتي به سحر { أفتأتون السحر } أي إذا كان بشر مثلكم ، وكان الذي جاء به سحرا فكيف تجيبونه إليه وتتبعونه .

{ وأنتم تبصرون } حال من فاعل تأتون مقرر للإنكار ومؤكد للاستيعاد وقالوا ما ذكر بناء على ما ثبت في اعتقادهم الزائغ أن الرسول لا يكون إلا ملكا وأن ما يظهر على يد البشر يكون سحرا فأطلع الله سبحانه نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) على ما تناجوا به وأمره أن يجيب عليهم فقال :