فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{طسٓۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡقُرۡءَانِ وَكِتَابٖ مُّبِينٍ} (1)

مقدمة السورة:

- سورة النمل .

بسم الله الرحمان الرحيم

سورة النمل

هي ثلاث أو أربع أو خمس وتسعون آية

قال القرطبي : وهي مكية كلها في قول الجميع وبه قال ابن عباس عن ابن الزبير مثله .

بسم الله الرحمان الرحيم

{ طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ ( 1 ) هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ( 2 ) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ( 3 ) إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ ( 4 ) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ ( 5 ) وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ ( 6 ) }

{ طس } قد مر الكلام مفصلا في فواتح السور ، وهذه الحروف كانت اسما للسورة فمحلها الرفع على الابتداء ، وما بعدها خبرها ، ويجوز أن تكون خبر مبتدأ محذوف أي اسم هذه السورة طس ، وإن كانت مسرودة على نمط التعديد فلا محل لها ، والله أعلم بمراده بذلك .

{ تلك } إشارة إلى نفس السورة لأنها قد ذكرت إجمالا بذكر اسمها { آيات القرآن وكتاب مبين } عطف بزيادة صفة علة مفهوم المعطوف عليه ، وكان مفيدا بهذا الاعتبار ، والمراد بالكتاب القرآن نفسه أو اللوح المحفوظ ، أو نفس السورة .

وقد وصف الآيات بالوصفين ، القرآنية الدالة على كونها مقروءة مع الإشارة إلى كونها قرآنا عربيا معجزا ، والكتابة الدالة على كونها مكتوبة ، مع الإشارة إلى كونها متصفة بصفة الكتب المنزلة ثم ضم إلى الوصفين وصفا ثالثا ، وهي الإبانة لمعانيه لمن يقرأه : وهو من أبان بمعنى بان ، معناه اتضح إعجازه ، بما اشتمل عليه من البلاغة أو مظهر لما في تضاعيفه من الحكم والأحكام ، وأحوال الآخرة التي من جملتها الثواب والعقاب ؛ أو لسبيل الرشد والغي ، أو فارق بين الحق والباطل ، والحلال والحرام .

وقد وصف القرآنية هنا نظرا إلى تقدم حال القرآنية على حال الكتابة ، وأخره في سورة الحجر فقال : تلك آيات الكتاب وقرآن مبين ، نظرا إلى حاجته التي قد صار عليها فإنه مكتوب ، والكتابة سبب القراءة ، والله أعلم .

وأما تعريف القرآن هنا وتنكير الكتاب ، وتعريف الكتاب في سورة الحجر وتنكير القرآن ، فلصلاحية كل واحد منهما للتعريف والتنكير ، لأن القرآن والكتاب اسمان علمان للمنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ووصفان له ، لأنه يقرأ ويكتب ، فحيث جاء بلفظ التعريف فهو العلم ، فحيث جاء بلفظ التنكير فهو الوصف .