فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَأَصۡبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَٰرِغًاۖ إِن كَادَتۡ لَتُبۡدِي بِهِۦ لَوۡلَآ أَن رَّبَطۡنَا عَلَىٰ قَلۡبِهَا لِتَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (10)

{ وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ( 10 ) وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ( 11 ) وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ ( 12 ) }

{ وأصبح } أي صار { فؤاد أم موسى فارغا } من كل شيء إلا من أمر موسى ؛ كأنها لم تهتم بشيء سواه ، قاله المفسرون . وقال أبو عبيدة : خاليا من ذكر كل من في الدنيا إلا من ذكر موسى ، وقال الحسن ، وابن اسحق وابن زيد : فارغا مما أوحى الله إليها من قوله : ولا تخافي ولا تحزني ، وذلك لما سول الشيطان لها من غرقه وهلاكه ، وقال الأخفش : فارغا من الخوف والغم لعلمها أنه لم يغرق وهلاكه ، وقال الأخفش : فارغا من الخوف والغم لعلمها أنه لم يغرق بسبب ما تقدم من الوحي إليها ، وروي مثله عن أبي عبيدة أيضا ، وقال الكسائي : ناسيا ذاهلا ، وقيل صفرا من العقل ، وقال العلاء ابن زياد : نافرا .

وقال سعيد ابن جبير : والها ، كادت تقول وا ابناه عن شدة الجزع .

وقال مقاتل : كادت تصيح شفقة عليه من الغرق .

وقيل : المعنى أنها لما سمعت بوقوعه في يد فرعون طار عقلها من فرط الجزع والدهش .

قال النحاس : وأصح هذه الأقوال الأول والذين قالوه أعلم بكتاب الله فإذا كان فارغا من كل شيء إلا مكن ذكر موسى ، فهو فارغ من الوحي . وقول من قال فارغا من الغم غلط قبيح . لأن بعده إن كادت لتبدي به ، لولا أن ربطنا على قلبها ، وقرئ فزعا مكانا فارغا ، من الفزع ، أي خائفا وجلا وقرأ ابن عباس : قرعا من قرع رأسه إذا انحسر شعره .

{ إن كادت لتبدي به } من بدا يبدو إذا ظهر ، وأبدى يبدي أي أظهر والمعنى لتظهر أمر موسى ، وإنه ابنها من فرط ما دهمها من الدهش ، والخوف والحزن وقيل الضمير في ( به ) عائد إلى الوحي الذي أوحي إليها ، والأول أولى وقال الفراء : لتبدي باسمه لضيق صدرها ، وقال ابن عباس : تقول يا ابناه وقيل الباء زائدة للتأكيد ، والمعنى لتبديه ، كما تقول أخذت الحبل وبالحبل ، وقيل المعنى لتبدي القول به .

{ لولا أن ربطنا على قلبها } بالعصمة والصبر والتثبت ، قال الزجاج : معنى الربط على القلب إلهام وتقويته ، وجواب لولا محذوف أي لأبدت .

{ لتكون من المؤمنين } أي ربطنا على قلبها لتكون من المصدقين بوعد الله وهو قوله إنا رادوه إليك قال يوسف بن الحسين : أمرت أم موسى بشيئين ، ونهيت عن شيئين وبشرت بشيئين فلم ينفعها الكل حتى تولى الله حياطتها فربط على قلبها .