{ وربك يخلق ما يشاء } أن يخلقه ، وفيه دلالة على خلق الأفعال { ويختار } ما يشاء أن يختار ، لا يسأل عما يفعل ، وهم يسألون ، وهذا متصل بذكر الشركاء الذين عبدوهم واختاروهم ، أي : الاختيار إلى الله .
{ ما كان لهم الخيرة } أي التخير ، وهو كالطيرة فإنها التطير ؛ اسمان يستعملان المصدر وبمعنى المتخير كقولهم : محمد خيرة الله من خلقه . وقيل : المراد من الآية أنه ليس لأحد من خلق الله أن يختار شيئا اختيارا حقيقيا بحيث يقدم تنفيذه بدون اختيار الله ، بل الاختيار هو إلى الله عز وجل ، يختار لطاعته أو لنبوته ، أو المعنى يخلق محمدا ويختار الأنصار لدينه ، وقيل : اختار من النعم ضأنا ، ومن الطير الحمام ، ولا وجه للتخصيص . والعموم أولى .
وظاهر الآية نفي الاختيار عنهم رأسا ، والأمر كذلك ، فإن اختيار العباد مخلوق باختيار الله ، منوط بدواع لا اختيار لهم فيها ، وقيل : إن هذه الآية جواب عن قولهم : { لولا أنزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم } وقيل : جواب عن اليهود حيث قالوا : لو كان الرسول إلى محمد صلى الله عليه وسلم غير جبريل لآمنا به .
قال الزجاج : الوقف على ( ويختار ) تام على أن ( ما ) نافية قال : ويجوز أن يكون ( ما ) في موضع نصب ب ( يختار ) والمعنى يختار الذي كان لهم فيه الخيرة ، والصحيح الأول لإجماعهم على الوقف ، وقال ابن جرير : إن تقدير الآية ويختار لولايته الخيرة من خلقه . وهذا في غاية من الضعف ، وجوز ابن عطية أن تكون ( كان ) تامة ويكون ( لهم الخيرة ) جملة مستأنفة . وهذا أيضا بعيدا جدا ، ومن قال معناه ويختار للعباد ما هو خير لهم وأصلح ، فهم مائل إلى الاعتزال ، وقيل : إن ( ما ) مصدرية ، أي يختار اختيارهم ، والمصدر واقع موقع المفعول به ، أي يختار مختارهم ، وهذا كالتفسير للكلام ابن جرير والراجح أول هذه التفاسير ، ومثله قوله سبحانه : { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن تكون لهم الخيرة } وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيح تعليم الاستخارة ، وكيفية صلاتها ودعائها ، فلا نطول بذكرها ، ثم نزه سبحانه نفسه فقال :
{ سبحان الله } أي تنزه تنزها خاصا به ، من غير أن ينازعه منازع ، أو يشاركه مشارك ، أو يزاحم اختياره { وتعالى عما يشركون } أي عن الذين يجعلونهم شركاء له
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.