{ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ } استئناف ، أو حال ، أي ترتفع وتنبو وتتنحى يقال جفا الشيء عن الشيء وتجافى عنه إذا لم يلزمه ، ونبا عنه وتنحى قال الزجاج ، والرماني ، التجافي والتجفي إلى جهة فوق ؛ وكذلك هو في الصفح عن المخطئ في سب ونحوه ، والجنوب جمع جنب ، أي متجافية جنوبهم عن مضاجعهم ، والمضاجع جمع مضجع ، وهو الموضع الذي يضطجع فيه ، وهم المتهجدون في الليل الذين يقومون للصلاة عن الفراش ، وبه قال الحسن ومجاهد وعطاء ، والجمهور .
والمراد بالصلاة التنقل بالليل من غير تقييد ، وقال قتادة ، وعكرمة هو النفل ما بين المغرب والعشاء وبه قال أبو حازم ، ومحمد بن المنكدر ، وقيل هي صلاة الأوابين ، وقيل صلاة العشاء فقط وهو رواية عن الحسن وعطاء . وقال الضحاك صلاة العشاء والصبح في جماعة ، وقيل هم الذين يقومون لذكر الله ، سواء كان في صلاة أو غيرها .
عن أنس بن مالك أن هذه الآية نزلت في انتظار الصلاة التي تدعى : العتمة ، وعنه قال : نزلت في صلاة العشاء ، وعنه قال : كانوا لا ينامون حتى يصلوا العشاء ، وعنه قال : كنا نجتنب الفراش قبل صلاة العشاء .
وعنه قال : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم راقدا قط قبل صلاة العشاء ولا متحدثا بعدها : فإن هذه الآيات نزلت في ذلك .
وعن ابن عباس في الآية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( هم الذين لا ينامون قبل صلاة العشاء ) ، فأثنى عليهم ، فلما ذكر ذلك جعل الرجل يعتزل فراشه مخافة أن تغلبه عينه ، فوقتها قبل أن ينام الصغير ، ويكسر الكبير . أخرجه ابن مردويه .
وعن بلال قال : كنا نجلس في المسجد وناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون بعد المغرب العشاء ، تتجافى جنوبهم عن المضاجع .
وعن أنس نحوه وعنه قال : كانوا ينتظرون ما بين المغرب والعشاء يصلون .
وعن معاذ بن جبل قال : قيام العبد من الليل ، وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم – وذكر حديثا ، وأرشد فيه إلى أنواع من الطاعات – وقال فيه : وصلاة الرجل في جوف الليل ، ثم قرأ هذه الآية أخرجه أحمد ، والترمذي وصححه ، والنسائي ، وابن ماجة . والحاكم وصححه ، والبيهقي . وغيرهم .
وعن أبي هريرة مرفوعا في حديث قال فيه : وصلاة المرء في جوف الليل . ثم تلا هذه الآية أخرجه ابن مردويه .
وعن أنس في الآية قال : كان لا تمر عليهم ليلة إلا أخذوا منها . وأشهر الأقاويل أن المراد منه صلاة الليل ، وبه قال جماعة من أهل العلم – وقد ورد في فضل قيام الليل – والحث عليه من الأحاديث الصحيحة ما هو مذكور في كتب السنة .
وعن كعب قال : إذا حشر الناس نادى مناد هذا يوم الفصل . أين الذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع ؟ الحديث رواه أحمد . وعن ابن عباس يقول : كلما استيقظوا ذكروا الله ، إما في الصلاة ، وإما في القيام ، أو قعودا أو على جنوبهم لا يزالون يذكرون الله .
{ يَدْعُونَ } أي تتجافى جنوبهم حال كونهم داعين { رَبَّهُمْ خَوْفًا } من عذابه { وَطَمَعًا } في رحمته ، قال ابن عباس خوفا من النار ، وطمعا في الجنة . وفيه دليل على صحة العبادة ، والدعاء بالخوف والطمع ، وقد حققنا ذلك في هداية السائل ، فليرجع إليها .
{ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ } أي من الذي رزقناهم ، أو من رزقهم { يُنفِقُونَ } وذلك الصدقة الواجبة ، وقيل صدقة النفل ، والأولى الحمل على العموم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.