فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{۞ٱحۡشُرُواْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزۡوَٰجَهُمۡ وَمَا كَانُواْ يَعۡبُدُونَ} (22)

{ احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا } هو أمر من الله سبحانه للملائكة بأن يحشروا المشركين { وَأَزْوَاجَهُمْ } وهم أشباههم في الشرك والتابعون لهم في الكفر والمشايعون لهم في تكذيب الرسل ، كذا قال قتادة وأبو العالية ، وقال الحسن ومجاهد : والمراد بأزواجهم نساؤهم المشركات الموافقات لهم على الكفر والظلم ، وقال الضحاك أزواجهم قرناؤهم من الشياطين يحشر كل كافر مع شيطانه ، وبه قال مقاتل .

قال ابن عباس : تقول الملائكة للزبانية هذا القول أو خطاب من بعضهم لبعض بحشر الظلمة من مقامهم إلى الموقف ، وقيل : من الموقف إلى الجحيم ، وعن عمر بن الخطاب قال : أمثالهم الذين هم مثلهم يجيء أصحاب الربا مع أصحاب الربا وأصحاب الزنا مع أصحاب الزنا وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر ، أزواج في الجنة وأزواج في النار ، وعن ابن عباس أيضا قال : أشباههم ، وفي لفظ نظراؤهم ، أي من العصاة عابد الصنم مع عبدة الأصنام وعابد الكوكب مع عبدة الكواكب ، كقوله : { وكنتم أزواجا ثلاثة } ولا مانع من حمل الآية على الجميع . { وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ }

{ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ } من الأصنام والشياطين ونحوها ، وهذا العموم المستفاد من ما الموصولة ، فإنها عبارة عن المعبودين لا عن العابدين كما قيل : مخصوص ، لأن من طوائف الكفار من عبد المسيح ، ومنهم من عبد الملائكة ، فيخرجون بقوله : { إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون } ووجه حشر الأصنام مع كونها جمادات لا تعقل هو زيادة التبكيت لعابديها ، وتخجيلهم وإظهار أنها لا تنفع ولا تضر ، وقيل : الموصول عبارة عن المشركين خاصة جيء به لتعليل الكم بما في حيز صلته ، فلا عموم ولا تخصيص .