{ فَاسْتَفْتِهِمْ } أي اسأل الكفار المنكرين للبعث { أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا } ؟ وأقوى أجساما وأعظم أعضاء وأمتن بنية وأشق إيجادا وأصعب خلقا { أَم مَّنْ خَلَقْنَا } من السموات والأرض والجبال والملائكة ؟ قال الزجاج : المعنى فاسألهم سؤال تقرير أهم أحكم صنعة ؟ أم من خلقنا قبلهم ممن قبلهم من الأمم السالفة ؟ يريد أنهم ليسوا بأحكم خلقا من غيرهم من الأمم وقد أهلكناهم بالتكذيب فما الذي يؤمنهم من العذاب . قرئ : أم من خلقنا بتشديد الميم وهي أم المتصلة عطفت من على هم وقرئ بتخفيفها وهو استفهام ثان فالهمزة للاستفهام أيضا ، ومن مبتدأ وخبره محذوف أي الذين خلقناهم أشد فهما جملتان مستقلتان ، وغلب من يعقل على غيره فلذلك أتى ب ( من ) قاله السمين وتكتب ( أم ) مفصولة من ( من ) في هذا الموضع ثم ذكر خلق الإنسان فقال :
{ إِنَّا خَلَقْنَاهُم } أي في ضمن خلق أبيهم آدم { مِّن طِينٍ لازِبٍ } أي لاصق . يقال : لزب يلزب لزوبا إذا لصق من باب دخل ، وقال قتادة وابن زيد : اللازب اللاصق ، وقال عكرمة : اللازب اللزج ، وقال سعيد ابن جبير : اللازب الجيد الذي يلصق باليد ، وقال مجاهد : هو اللازم والعرب تقول : طين لازب ولازم تبدل الباء من الميم واللازم الثابت كما يقال : صار الشيء ضربة لازب ومنه قول النابغة :
لا تحسبون الخير لا شر بعده ***
وحكى الفراء عن العرب طين لاتب بمعنى لازم ؛ واللاتب الثابت ، قال الأصمعي : واللاتب اللاصق مثل اللازب ، والمعنى في الآية أن هؤلاء كيف يستبعدون المعاد وهم مخلوقون من هذا الخلق الضعيف ، ولم ينكره من هو مخلوق خلقا أقوى منهم وأعظم وأكمل وأتم ، وقيل : إن اللازب هو المنتن قاله مجاهد والضحاك .
قيل وقد قرئ لازم ولاتب ولا أدري من قرأ بذلك ، قال ابن عباس : لازب ملتصق ، وقال : اللزج الجيد ، وقال اللازب والحمأ والطين واحد ، كان أوله ترابا ، ثم صار حمأ منتنا ، ثم صار طينا لازبا فخلق الله منه آدم .
وعن ابن مسعود : اللازب الذي يلصق بعضه إلى بعض . والآية تشهد عليهم بالضعف لأن ما يصنع من الطين غير موصوف بالصلابة والقوة ، أو احتجاج عليهم بأن الطين اللازب – الذي خلقوا منه – تراب فمن أين استنكروا أن يخلقوا من تراب مثله ؟ حيث قالوا : أئذا كنا ترابا ، وهذا المعنى يعضده ما يتلوه من ذكر إنكارهم البعث ، والغرض من هذا السياق إثبات المعاد والرد عليهم في دعوى استحالته ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.