فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لِّلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَٰثٗا وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ ٱلذُّكُورَ} (49)

ثم ذكر سبحانه سعة ملكه ونفاذ تصرفه فقال :{ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } أي له التصرف فيهما بما يريد لا مانع لما أعطى ولا معطى لما منع ، والملك بالضم الاستيلاء على الشيء والتمكن من التصرف فيه ، وفي المصباح وملك على الناس أمرهم ملكا من باب ضرب إذا تولى السلطنة فهو ملك والاسم الملك بضم الميم .

{ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ } من الخلق { يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا } بدل مفصل من مجمل أي لا ذكور معهن ، قاله مجاهد والحسن والضحاك وأبو مالك وأبو عبيدة وقال ابن عباس يريد لوطا وشعيبا لأنهما لم يكن لهما إلا البنات .

{ وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ } أي لا إناث معهم ، يريد إبراهيم لأنه لم يكن له إلا الذكور ، قاله ابن عباس ، قيل : وتعريف الذكور بالألف واللام للدلالة على شرفهم على الإناث ، ويمكن أن يقال إن التقديم للإناث قد عارض ذلك فلا دلالة في الآية على المفاضلة ، بل هي مسوقة لمعنى آخر ، وقد دل على شرف الذكور قوله سبحانه :

{ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ } وغير ذلك من الأدلة الدالة وعلى شرف الذكور على الإناث ، وقيل : تقديم الإناث لكثرتهن بالنسبة إلى الذكور . وقيل : لتطيب قلوب آبائهن ، وقيل لغير ذلك مما لا حاجة إلى التطويل بذكره ، أخرج ابن مردويه وابن عساكر عن وائلة بن الأسقع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من بركة المرأة ابتكارها بالأنثى لأن الله قال : يهب لمن يشاء إناثا ) الخ .