السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{لِّلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَٰثٗا وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ ٱلذُّكُورَ} (49)

ولما ذكر تعالى إذاقة الإنسان الرحمة وإصابته بعدها السيئة أتبع ذلك بقوله تعالى :

{ لله } أي : الملك الأعظم وحده { ملك السماوات } كلها على علوها وتطابقها وكبرها وعظمها وتباعد أقطارها { والأرض } جميعها على تباينها وتكاثفها واختلاف أقطارها وسكانها واتساعها { يخلق } أي : على سبيل التجدد والاختيار والاستمرار { ما يشاء } وإن كان على غير اختيار العباد لئلا يغتر الإنسان بما ملكه من المال والجاه ، بل إذا علم أن الكل ملك لله وملكه وإنما حصل له ذلك القدر إنعاماً من الله تعالى عليه فيصير ذلك حاملاً له على مزيد الطاعة .

ثم ذكر من أقسام تصرفه تعالى في العالم أنه يخص بعض الناس بالأولاد الإناث والبعض بالذكور والبعض بهما والبعض محروم من الكل كما قال تعالى : { يهب } أي : يخلق { لمن يشاء } أولاداً { إناثاً } فقط ليس معهن ذكر { ويهب لمن يشاء الذكور } فقط ليس معهم أنثى ، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو : بتسهيل الهمزة الثانية كالياء وتبدل أيضاً واواً خالصة ، والباقون بتحقيقهما وفي الابتداء الجميع بالتحقيق ، وإذا وقف حمزة وهشام أبدلا الهمزة ألفاً مع المد والتوسط والقصر ولهما أيضاً تسهيلها مع المد والقصر والروم والإشمام .