{ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ } أي ما صح لفرد من أفراد البشر { أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ } بوجه من الوجوه { إِلَّا وَحْيًا } بأن يوحي إليه فيلهمه في المنام ، ويقذف في قلبه ذلك ، قال مجاهد : نفث ينفث في قلبه فيكون إلهاما منه كما أوحى إلى أم موسى وإلى إبراهيم في ذبح ولده ، والوحي الإشارة والرسالة والكتابة ، وكل ما ألقيته إلى غيرك ليعلمه وحي ، كيف كان ، قاله ابن فارس ، وهو مصدر وحي إليه يحي من باب وعي ، وأوحى إليه بالألف مثله ، ثم غلب استعمال الوحي فيما يلقى إلى الأنبياء من عند الله تعالى ، ولغة القرآن الفاشية أوحى بالألف .
{ أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ } كما كلم موسى يريد أن كلامه يسمع من حيث لا يرى ، وهو تمثيل بحال الملك المحتجب الذي يكلم خواصه من وراء حجاب قال ابن عباس في الآية إلا أن يبعث ملكا يوحي إليه من عنده ، أو يلهمه فيقذف في قلبه . أو يكلمه من وراء حجاب ، وقيل : المراد به أن السامع محجوب عن الرؤية في الدنيا .
{ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا } أي ملكا { فَيُوحِي } ذلك الملك إلى الرسول من البشر { بِإِذْنِهِ } أي بأمر الله وتيسيره { مَا يَشَاءُ } أن يوحي إليه ، قال الزجاج : المعنى أن كلام الله للبشر إما أن يكون بإلهام يلهمهم أو يكلمهم من وراء حجاب كما كلم موسى ، أو برسالة ملك إليهم ، وتقدير الكلام ما كان لبشر أن يكلمه الله إلا أن يوحي وحيا أو يكلمه من وراء حجاب ، أو يرسل رسولا ، ومن قرأ يرسل رفعا أراد وهو يرسل فهو ابتداء واستئناف لها .
وقرأ الجمهور بنصب يرسل وبنصب فيوحي على تقدير أن ، وتكون أن وما دخلت عليه معطوفين على { وحيا } وحيا في محل الحال ، والتقدير : إلا موحيا أو مرسلا ولا يصح عطف أو { يرسل } على أن { يكلمه } لأنه يصير التقدير : وما كان لبشر أن يرسل الله رسولا ، وهو فاسد لفظا ومعنى . وقد قيل في توجيه قراءة الجمهور غير هذا مما لا يخلو عن ضعف ، وقرئ بالرفع وكذلك فيوحي بإسكان الياء على أنه خبر مبتدأ محذوف ، والتقدير أو هو يرسل ، كما قال الزجاج وغيره .
وجملة { إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ } تعليل لما قبلها أي متعال عن صفات النقص ، حكيم في كل أحكامه ، قال المفسرون سبب نزول هذه الآية أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم . ألا تكلم الله وتنظر إليه إن كنت نبيا كما كلمه موسى فنزلت .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.