فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لِتَسۡتَوُۥاْ عَلَىٰ ظُهُورِهِۦ ثُمَّ تَذۡكُرُواْ نِعۡمَةَ رَبِّكُمۡ إِذَا ٱسۡتَوَيۡتُمۡ عَلَيۡهِ وَتَقُولُواْ سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُۥ مُقۡرِنِينَ} (13)

{ لِتَسْتَوُوا } اللام لام العلة ، وهو الظاهر ، أو للصيرورة وجوز ابن عطية أن تكون لام الأمر ، وفيه بعد لقلة دخولها على أمر المخاطب { عَلَى ظُهُورِهِ } الضمير راجع إلى ما قاله أبو عبيد ، وقال الفراء أضاف الظهور إلى واحد لأن المراد الجنس ، فصار الواحد في معنى الجمع بمنزلة الجنس فلذلك ذكر وجمع الظهر لأن المراد ظهور هذا الجنس ، والاستواء الاستعلاء أي لتستعلوا على ظهور ما تركبون من الفلك والأنعام .

{ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ } أي التي أنعم بها عليكم من تسخير ذلك المركب في البحر والبر { إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ } أي على ما تركبون ففيه مراعاة لفظ { ما } أيضا قال مقاتل والكلبي هو أن تقول الحمد لله الذي رزقني هذا وحملني عليه :

{ وَتَقُولُوا } أي بألسنتكم جمعا بين القلب واللسان : { سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا } وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه سبحان من سخر لنا هذا ، وقال قتادة قد علمكم كيف تقولون إذا ركبتم والمعنى ذلل لنا هذا المركب الذي ركبناه سفينة كان أو دابة قاله الخطيب وصرح غيره بأنه خاص بالدابة ، وأما السفينة فيقول فيها { بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا } ويؤيده :

{ وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ } فإن الامتناع والتعاصي والتوحش لولا تسخير الله وإذلاله إنما يتأتى في الدواب . وأما السفن فهي من عمل ابن آدم فليس لها امتناع بقوتها كامتناع الدابة . قال ابن عباس والكلبي : مقرنين مطيقين يقال أقرن هذا البعير إذا أطاقه . وقال الأخفش وأبو عبيدة : مقرنين ضابطين ، يقال فلان مقرن لفلان أي ضابط له ، وقيل مماثلين له في القوة من قولهم : هو قرن فلان إذا كان مثله في القوة .