فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{مَا قُلۡتُ لَهُمۡ إِلَّا مَآ أَمَرۡتَنِي بِهِۦٓ أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمۡۚ وَكُنتُ عَلَيۡهِمۡ شَهِيدٗا مَّا دُمۡتُ فِيهِمۡۖ فَلَمَّا تَوَفَّيۡتَنِي كُنتَ أَنتَ ٱلرَّقِيبَ عَلَيۡهِمۡۚ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ} (117)

{ ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد 117 } .

{ ما قلت لهم إلا ما أمرتني به } هذه الجملة مقررة لمضمون ما تقدم أي ما أمرتهم إلا بما أمرتني والاستثناء مفرغ { أن اعبدوا الله ربي وربكم } هذا تفسير لمعنى ما قلت لهم أي ما أمرتهم إلا أن وحدوا الله ولا تشركوا به شيئا { وكنت عليهم شهيدا } أي حفيظا ورقيبا أرعى أحوالهم وأمنعهم عن مخالفة أمرك { ما دمت } أي مدة دوامي { فيهم } .

{ فلما توفيتني } قيل هذا دليل على أن الله سبحانه توفاه قبل أن يرفعه ، وليس بشيء لأن الأخبار قد تضافرت بأنه لم يمت ، وأنه باق في السماء على الحياة التي كان عليها في الدنيا حتى ينزل إلى الأرض آخر الزمان ، وإنما المعنى فلما رفعتني إلى السماء وأخذتني وافيا بالرفع .

قيل الوفاة في كتاب الله سبحانه قد جاءت على ثلاثة أوجه بمعنى الموت ومنه قوله تعالى : { الله يتوفى الأنفس حين موتها } وبمعنى النوم ومنه قوله تعالى : { وهو الذي يتوفاكم بالليل } أي ينيمكم ، وبمعنى الرفع ومنه { فلما توفيتني } وإذ قال الله يا عيسى إني متوفيك والتوفي يستعمل في أخذ الشيء وافيا أي كاملا .

{ كنت أنت الرقيب } أصل المراقبة المراعاة أي كنت الحافظ لهم والعالم بهم والشاهد { عليهم وأنت على كل شيء شهيد } أي شاهد لما كان وما يكون أو أنت العالم بكل شيء فلا يعزب عن عملك شيء ومنه قولي لهم وقولهم بعدي .