فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَٱصۡبِرۡ لِحُكۡمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعۡيُنِنَاۖ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ} (48)

{ واصبر لحكم ربك } إلى أن يقع لهم العذاب الذي وعدناهم به { فإنك بأعيننا } أي بمرأى ومنظر منا ، أو في حفظنا وحمايتنا ، فلا تبال بهم ، قال الزجاج : إنك بحيث نراك ونحفظك ونرعاك ، فلا يصلون إليك ، وإنما جمع لفظ الأعين مع أن مدلوله واحد ، وهو المصدر لمناسبة نون العظمة { وسبح بحمد ربك } أي نزه ربك عما لا يليق به متلبسا بحمد ربك على إنعامه عليك أي قل سبحان الله وبحمده { حين تقوم } من مجلسك قال عطاء وسعيد وسفيان الثوري وأبو الأحوص : يسبح الله حين يقوم من مجلسه فيقول : سبحان الله وبحمده أو سبحانك اللهم وبحمدك عند قيامه من كل مجلس يجلسه .

وقال محمد بن كعب والضحاك والربيع بن أنس : حين تقوم إلى الصلاة ، قال الضحاك يقول : الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيلا ، وفيه نظر لأن التكبير يكون بعد القيام ، لا حال القيام ، ويكون التسبيح بعد التكبير ، وهذا غير معنى الآية ، فالأول أولى ، وقيل : المعنى صلى لله حين تقوم من مقامك . وبه قال أبو الجوزاء ، وحسان بن عطية ، وقال الكلبي وابن عباس : واذكر الله باللسان حين تقوم من فراشك إلى أن تدخل الصلاة ، وهي صلاة الفجر .

وعن " أبي برزة الأسلمي قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بآخرة إذا قام من المجلس يقول : سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك ، فقال رجل : يا رسول الله إنك لتقول قولا ما كنت تقوله فيما مضى ، قال : كفارة لما يكون في المجلس " {[1541]} أخرجه أبو داود والنسائي والحاكم وابن مردويه وابن أبي شيبة وأخرجه النسائي والحاكم عن رافع بن خديج عن النبي صلى الله عليه وسلم .

" وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه : سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك ، إلا فغر له ما كان في مجلسه ذلك " ، أخرجه ابن جرير والترمذي ، وقال حسن صحيح ، وفي الباب أحاديث مسندة ومرسلة وقيل حين تقوم من منامك . " عن عاصم بن حميد قال : سألت عائشة بأي شيء كان يفتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استيقظ من نومه ؟ فقالت : سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك كان إذا قام كبر عشرا ، وحمد الله عشرا ، وسبح عشرا ، وهلل عشرا ، واستغفر عشرا ، وقال : اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني وعافني . وكان يتعوذ من ضيق المقام يوم القيامة " أخرجه أبو داود والنسائي .


[1541]:صحيح الجامع الصغير.