فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنۡ غِسۡلِينٖ} (36)

{ ولا طعام إلا من غسلين } أي وليس له طعام يأكله من صديد أهل النار وما ينغسل من أبدانهم من القيح والصديد ، وغسلين فعلين من الغسل أو الغسالة فنونه وياؤه زائدتان .

قال أهل اللغة هو ما يجري من الجراح إذا ما غسلت ، وقال الضحاك والربيع بن أنس : هو شجر يأكله أهل النار ، وقال قتادة : هو شر الطعام ، وقال ابن زيد : لا يعلم ما هو ولا ما الزقوم إلا الله تعالى ، وعن ابن عباس قال : الغسلين الدم والماء والصديد الذي يسيل من لحومهم .

وعن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لو أن دلوا من غسلين يهراق في الدنيا لانتن أهل الدنيا ( {[1628]} ) أخرجه الحاكم وصححه ، وعن ابن عباس أيضا قال الغسلين اسم طعام من أطعمة أهل النار ، وقال سبحانه في موضع آخر .

{ ليس لهم طعام إلا من ضريع } فيجوز أن يكون الضريع هو الغسلين ، وقيل في الكلام تقديم وتأخير ، والمعنى فليس له اليوم ههنا حميم إلا من غسلين ، على أن الحميم هو الماء الحار ، ولا طعام أي ليس لهم طعام يأكلونه ، قاله أبو البقاء ، ولا ملجئ لهذا التقديم والتأخير .

والتوفيق بين ما هنا وبين قوله في محل آخر { إلا من ضريع } وفي موضع آخر { إن شجرة الزقوم طعام الأثيم } وفي موضع آخر { ما يأكلون في بطونهم إلا النار } أنه يجوز أن يكون طعامهم جميع ذلك وأن العذاب أنواع والمعذبين طبقات فمنهم أكلة الغسلين ومنهم أكلة الضريع ومنهم أكلة الزقوم ومنهم أكلة النار لكل باب منهم جزء مقسوم .


[1628]:الحاكم 501/2.