فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَٱلسَّمَآءِ وَٱلطَّارِقِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الطارق

هي سبع عشرة آية وهي مكية بلا خلاف قال ابن عباس نزلت بمكة وعن خالد العدواني

" أنه أبصر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في سوق ثقيف وهو قائم على قوس أو عصا حين أتاهم يبتغي النصر عندهم . فسمعه يقرأ { والسماء والطارق } حتى ختمها قال فوعيتها في الجاهلية ثم قرأتها في الإسلام . قال فدعتني ثقيف فقالوا ماذا سمعت من هذا الرجل . فقرأتها فقال من معهم من قريش : نحن أعلم بصاحبنا ، لو كنا نعلم ما يقول حقا لاتبعناه " أخرجه أحمد والبخاري في تاريخه والطبراني وابن مردويه .

بسم الله الرحمان الرحيم

{ والسماء والطارق } أقسم سبحانه بالسماء والطارق ، وقد أكثر في كتابه العزيز ذكر السماء والشمس والقمر والنجوم ، لأن أحوالها في أشكالها وسيرها ومطالعها ومغاربها عجيبة ، والطارق هو النجم الثاقب كما صرح به التنزيل .

قال الواحدي : قال المفسرون أقسم الله بالطارق يعني الكواكب تطرق بالليل وتخفى بالنهار ، قال الفراء : الطارق النجم لأنه يطلع بالليل ، وما أتاك ليلا فهو طارق ، وكذا قال الزجاج والمبرد .

وقد اختلف في الطارق هل هو نجم معين أو جنس النجم ، فقيل هو زحل وقيل الثريا وقيل هو الذي ترمى به الشياطين ، وقيل هو جنس النجم ، قال في الصحاح : والطارق النجم الذي يقال له كوكب الصبح .

قال الماوردي : أصل الطروق الدق فسمي قاصد الليل طارقا لاحتياجه في الوصول إلى الدق ، ثم اتسع به في كل ما ظهر بالليل كائنا ما كان ، ثم اتسع كل التوسع حتى أطلق على الصور الخالية البادية بالليل .

وقال قوم إن الطروق قد يكون نهارا والعرب تقول أتيتك اليوم طرقتين أي مرتين ومنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم " أعوذ بك من شر طوارق الليل والنهار ، إلا طارقا يطرق بخير " قال ابن عباس أقسم ربك بالطارق وكل شيء طرقك بالليل فهو طارق .